[من العبودية لغير الله طلب الرئاسة والعلو في الأرض]
قال:[وكذلك طالب الرئاسة والعلو في الأرض؛ قلبه رقيق لمن يعينه عليها، ولو كان في الظاهر مقدمهم والمطاع فيهم، فهو في الحقيقة يرجوهم ويخافهم، فيبذل لهم الأموال والولايات، ويعفو عما يجترحونه ليطيعوه ويعينوه، فهو في الظاهر رئيس مطاع، وفي الحقيقة عبد مطيع لهم].
لأن قوام ملكه وسيطرته هي بما عنده من الرئاسات، ولهذا فهو يحتاجهم، فإذا لم يرعهم ويعتني بهم خانوه في أحوج ما يكون محتاجاً إليهم، ولعله من العبرة القريبة التي حصلت عندما جاء هؤلاء المجرمون الأمريكان وحاربوا العراق، وكان رئيسهم الظالم المتجبر الذي ينشر على الناس الضلالة قد خانه جنوده وأتباعه في أحوج ما يكون إليهم، وسقط مثل أي ورقة تسقط من شجرة، ليس له أي ملك ولا سلطان ولا أي أمر ولا نهي، وهذا يدل على أن الإنسان الذي يتعلق قلبه بالآخرين والذي يكون محتاجاً إليهم حتى لو كان في الظاهر قوياً أو مسئولاً، أو لديه سلطان فهو في الحقيقة محتاج إليهم.
قال:[والتحقيق: أن كلاهما فيه عبودية للآخر، وكلاهما تارك لحقيقة عبادة الله، وإذا كان تعاونهما على العلو في الأرض بغير الحق؛ كانا بمنزلة المتعاونين على الفاحشة أو قطع الطريق، فكل واحد من الشخصين -لهواه الذي استعبده واسترقه- مستعبد للآخر].
أي: أن الفاحشة هي حالة استمتاع من الطرفين، وكل واحد منهما محتاج إلى الآخر، وهكذا الحال في مسألة الرئاسة والعلو في الأرض.