[المقصود بالأمر بذكر اسم الله في النصوص الشرعية]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وما في القرآن من قوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل:٨].
وقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:١].
وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:١٤ - ١٥].
وقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:٧٤].
ونحو ذلك لا يقتضي ذكره مفرداً.
بل في السنن: (أنه لما نزل قوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:٧٤] قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزل قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:١] قال: اجعلوها في سجودكم).
فشرع لهم أن يقولوا في الركوع: سبحان ربي العظيم, وفي السجود: سبحان ربي الأعلى].
يعني: لم يفهم أحد أنه يقول: (الله) في الركوع, أو (الله) في السجود فقط.
ويستدل بقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [الواقعة:٧٤] يعني: بالجملة كاملة.
قال: [وفي الصحيح: (أنه كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم, وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى).
وهذا هو معنى قوله: (اجعلوها في ركوعكم وسجودكم) باتفاق المسلمين.
فتسبيح اسم ربه الأعلى, وذكر اسم ربه ونحو ذلك, هو بالكلام التام المفيد، كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربع - هن من القرآن-: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر).
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان, ثقيلتان في الميزان, حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم).
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال في يومه مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, كتب الله له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي, ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد عليه، ومن قال في يوم مائة مرة: سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم, حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر).
وفي الموطأ وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير).
وفي سنن ابن ماجة وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الذكر: لا إله إلا الله, وأفضل الدعاء: الحمد لله).
ومثل هذه الأحاديث كثيرة في أنواع ما يقال من الذكر والدعاء, وكذلك ما في القرآن من قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:١٢١].
وقوله: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة:٤].
إنما هو قول: باسم الله, وهذا جملة تامة, إما اسمية على أظهر قولي النحاة, أو فعلية، والتقدير: ذبحي باسم الله, أو: أذبح باسم الله.
وكذلك قول القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، فتقديره: قراءتي باسم الله, أو أقرأ باسم الله، ومن الناس من يضمر في مثل هذا: ابتدائي باسم الله, أو: ابتدأت باسم الله].
هذا كلام دقيق، فإنه إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم, يعني: بحسب ما ذكر فيه هذا اللفظ، فبسم الله الرحمن الرحيم أؤلف مثلاً, أو بسم الله الرحمن الرحيم أقول وأتكلم, أو بسم الله الرحمن الرحيم مثلاً يبدأ أمر من الأمور.
فيكون تقدير الفعل المضمر بحسب المناسبة, هذا هو الأدق وهذا هو الأحسن.
قال: [والأول أحسن؛ لأن الفعل كله مفعول باسم الله, ليس مجرد ابتدائه، كما أظهر المضمر في قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:١]، وفي قوله: {بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود:٤١]، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان ذبح قبل الصلاة, فليذبح مكانها أخرى, ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله).
ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لربيبه عمر بن أبي سلمة: (يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك).
فالمراد أن يقول: باسم الله, ليس المراد أن يذكر الاسم مجرداً.
وكذلك قوله في الحديث الصحيح لـ عدي بن حاتم: (إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله فكل).
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل الرجل منزله، فذكر اسم الله عند دخوله وعند خروجه وعند طعامه, قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء).
وأمثال ذلك كثير].
يعني: أن الأدلة التي أشار إليها شيخ الإسلام مما يحتمل أن يستدلوا بها ثلاثة: الدليل الأول: آية الأنعام ا