للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التكفيريون وبيان خطرهم]

السؤال

ما هي عقيدة التكفيريين؟ وما نصيحتك لمن ينتمون لهم؟

الجواب

التكفيريون كلمة غير منضبطة، والأولى هو استخدام أسلوب أو اصطلاح الخوارج، فإن الخوارج هم الذين يكفرون الناس بالذنوب، فكل من كفر أحداً لم يكفره الله ولم يكفره رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا ضال منحرف، وأول فرقة انحرفت في باب التكفير في تاريخ المسلمين هم الخوارج، وكان انحرافهم هو أنهم يكفرون أصحاب المعاصي: الزاني، وشارب الخمر، وآكل الربا، والمغتاب ونحو ذلك، فيكفرونه ويخرجونه عن دائرة الإسلام، وهذا إسراف وعدوان، فإن أهل المعاصي وإن كان إيمانهم ناقصاً وهم من أهل الوعيد إلا أن أصل الإسلام باق معهم، أما تكفير من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذا هو المنهج والمعتقد الصحيح، ولهذا فبعض الناس يشغبون ويضعون غباراً كثيراً حول مسألة التكفير بدون توضيح، وهنا يكون الخطأ، فنحن مثلاً نكفر من يعبد القبور، والذين يطوفون حولها، ويستغيثون بالله، ونكفر من يأتي بالقوانين الوضعية وينحي شريعة الله عز وجل، ونكفر الذي يستحل ويعتقد حل المعاصي، ونكفر من يسب الله أو رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكفر كل من كفره الله عز وجل في القرآن، لكن بعض الناس يشغب على أهل السنة، فإذا سمعنا مثلاً: أن كاتباً أو أديباً -وهو بعيد عن الأدب- يسب الله أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم فقلنا: هذا كفر، شغبوا علينا وقالوا: أنتم تكفرون الناس؟ فنقول: هذا كافر ولا شك به، وإلا فلو كان الذي يسب الله أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بكافر فلا يوجد كافر في الدنيا، بل إن النصارى وبعض اليهود يحترمون الله أشد من هؤلاء الذين يسبون الله والرسول صلى الله عليه وسلم في روايتهم الأدبية وغيرها، فالأمر المحرم في باب التكفير هو الاعتداء والجور بتكفير أصحاب المعاصي، أو التساهل في التكفير، فمتى وجد للشخص عذر يمنع عنه التكفير فإنه لا يكفر؛ لأن الأصل هو بقاء الإسلام، فيدخل في النقد الذين عندهم غلو في التكفير حيث يكفرون من تلبس ببعض المكفرات مباشرة وهذا غير صحيح، بل الواجب هو التأني والتريث والدراسة وصدور هذا الأمر عن أهل العلم، خصوصاً في القضايا العامة، فالقضايا العامة لا يصح للشباب أن يجتهدوا من عند أنفسهم؛ لأن هذا يدعو إلى التفرق مع الزمن، لكن يصدرون عن أهل العلم المعتبرين الثقات من أهل السنة والجماعة، وهم كثير -ولله الحمد- في بلادهم، وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى، حيث جعل العقيدة السلفية الصحيحة التي ندرسها في المساجد هي التي ينشرها شيوخنا وعلماؤنا الرسميون وغير الرسميين ممن لهم وظائف دينية مثل: هيئة كبار العلماء، أو أساتذة الجامعات، أو غيرهم من الشيوخ الذين لهم جهد في إصلاح العقيدة في الناس، فالمقصود: هو أن القضايا العامة لا يصح لأحد أن يشذ فيها وإنما يصدر فيها عن أهل العلم؛ حتى تكون مسيرة الدعوة إلى الله ومسيرة الإصلاح ومسيرة الشباب الصالحين مسيرة منضبطة، تمشي في طريقها الصحيح.

إذاً: ينبغي عند مسائل التكفير الانتباه إلى قضيتين أساسيتين: القضية الأولى: الحذر من الأشخاص الذين يكفرون أصحاب الذنوب، وهؤلاء هم الخوارج.

والأمر الثاني: هو إدراك أن قضايا التكفير حساسة ودقيقة وغامضة ينبغي للإنسان أن يدرسها، وفي القضايا العامة ينبغي أن يصدر فيها عن أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>