نحن -أهل السنة والجماعة- أرحم الخلق بالخلق، ولهذا يعذر أهل السنة المخطئ، ويعذرون الجاهل، ويعذرون الغافل، ويرحمون الخلق، وهم أرحم الناس بالناس، وهم -كما قال عنهم السلف رضوان الله عليهم- نقاوة المسلمين، فأهل السنة هم أنقاهم وأصفاهم اعتقاداً وقلباً وإيماناً، فهذه قضية ينبغي أن تدرك على صورتها الصحيحة.
فأهل السنة مكتملون، فتجد أنهم يعتنون بطلب العلم الشرعي، فهم لا يعبدون الله على جهل، وإنما يعتنون بطلب العلم الشرعي، ويتفقهون، ويكتبون، ويحفظون، ويستفتون أهل الذكر وأهل العلم، ويطلبون الدليل، ويعتمدون على القرآن وعلى السنة، وتجد أن أهل السنة -أيضاً- يعتنون بأعمال القلوب، فهم يعتنون بمحبة الله، وبالخوف من الله، وبالتوكل على الله، وبالإنابة إليه، فليس عندهم جفاف في عواطفهم، بل هم أرق الناس في تعبدهم لله عز وجل، تجد الرجل منهم إذا وقف في الصف يبكي من خشية الله، واقرءوا سيرة الصحابة رضوان الله عليهم، وهم الجيل الأول من أجيال أهل السنة، واقرءوا سير العلماء السابقين، فمع أنهم طلبوا العلم واشتغلوا به لم يشغلهم ذلك عن أعمال القلوب وأهميتها، لكن هذه الأعمال -التي هي أعمال القلوب- ما كانوا يبتدعون فيها، وإنما كانوا يتبعون السنة في طريقتهم، فإذا أرادوا أن يكتسبوا محبة الله بحثوا في العلم عن كيفية اكتساب محبة الله عز وجل، فإذا عرفوها نفذوها عملياً، ولهذا تجد أن أهل السنة دعاة إلى الله عز وجل، فهم يشتغلون بطلب العلم، ويشتغلون بتصفية النفوس وترقيقها، والاهتمام بها، ويشتغلون أيضاً بالدعوة إلى الله والحركة الدءوبة في نصرة الدين والعمل له والبذل من أجله، وهم -أيضاً- في نفس الوقت أهل صدقة وبر.