يقول بعض الإخوة: إنكم متعصبون لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وكأنه لم يكن هناك علماء غيرهم، فكل أقوالكم: قال شيخ الإسلام كذا وكذا، ثم يذكرون أن أقوال شيخ الإسلام فيها شيء من التشدد في كثير من المسائل، فكيف نرد على مثل هؤلاء؟
الجواب
لا شك في أن من الخطأ عندنا نحن -طلاب العلم- أن يكون مصدرنا الأساسي والأخير هو كلام ابن تيمية فقط، وإنما ابن تيمية عالم من علماء المسلمين المحققين يؤخذ من كلامه ويترك، فيترك إذا كان مخالفاً للسنة ويؤخذ إذا كان موافقاً لها، وإذا كان كلام شيخ الإسلام رحمه الله موافقاً للسنة فإنه يكون مطلوباً وحسناً، ولا ينبغي علينا أن نكتفي دائماً -خاصة مع المخالف- بذكر كلام شيخ الإسلام أو نحوه، فإن المخالف إذا كان لا يقر بفضل شيخ الإسلام ولا يقر بفضل ابن القيم فينبغي ألا يقال له: قال شيخ الإسلام.
لأنه يقول: ومن شيخ الإسلام هذا الذي تذكره؟! وربما يقول: هو عدو الإسلام؛ لأنه يوجد أشخاص يكفرون ابن تيمية، فالصحيح في طريقة دعوة مثل هؤلاء ومناقشتهم وتوجيههم هو أنه لا يقال لهم:(قال شيخ الإسلام)، بل ينظر إلى كلام شيخ الإسلام، فـ شيخ الإسلام عالم يستدل بالنصوص، فينظر إلى الدليل الذي استدل به ووجه دلالته، فإن كان الدليل ووجه الدلالة قوياً في الاستدلال يحتج عليه بالدليل الذي هو قول الله أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستفاد من الوجه الذي ذكره شيخ الإسلام في بيان الحق لهذا الإنسان، لكن إذا كان استدلال شيخ الإسلام ليس قوياً فهناك أئمة عندهم استدلالات أخرى قوية، فينبغي فعلاً ألا يُتعصب لكلام شيخ الإسلام، وألا يظن أن الحق دائماً معه في كل لحظة.
لكن مسائل العقيدة الإجماعية هي مسائل متفق عليها بين شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء السابقين، ونحن عندنا مصدر في الاستدلال هذا المصدر هو القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس الصحيح المعتبر، فهذه من مصادر الاستدلال التي اتفق عليها أهل الإسلام جميعاً، فأنت عندما تستدل لا تستدل بقول ابن تيمية، بل تستدل بما استدل به ابن تيمية رحمه الله، وحينئذ تكون طريقك في التعلم صحيحة، وليس معنى هذا أن كلام ابن تيمية نفسه الذي تكلم به لا بد أن يكون دليلاً.
فالطريقة الصحيحة أن تقول: قال تعالى كذا، قال رسول الله كذا، وأجمع العلماء.
وتثبت إجماعهم هذا.
فينبغي على طالب العلم أن يوسع قراءاته، فلا يكتفي بالتركيز على علم واحد يكون دائم الترديد حوله، لكن في حالة كون طلاب العلم متفقين على فضل هذا العالم لا بأس أن يقول أحدهم: قال شيخ الإسلام كذا أو كذا؛ لأن له منزلة وفضل.