قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد أخبر الله سبحانه أنه يحب المتقين المحسنين والصابرين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، بل هو يحب من فعل ما أمر به من واجب ومستحب كما في الحديث الصحيح:(لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به) الحديث].
يعني: الله عز وجل يُحَب ويُحِب، فيحبه العبد، وهو يحب عباده الصالحين، والمتطهرين، والمجاهدين، وهكذا من الأوصاف التي أخبر الله عز وجل بمحبته لأهلها، فهو سبحانه وتعالى يتصف بصفة المحبة، فهو يحِب، كما أنه يحَب، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة؛ وذلك لكماله في صفاته العظيمة والجليلة؛ ولكمال إنعامه على العبد.
والذين أنكروا المحبة من الفرق الضالة أنكروها من الطرفين، فقالوا: الله عز وجل لا يُحِب ولا يُحَب، وإنما المحبة هي إرادة الثواب فقط؛ لأنه لا تتعلق به المحبة؛ ولهذا سماهم السلف غلاظ الأكباد؛ لأنهم لا يحبون الله عز وجل.
وحتى الصوفية الذين يزعمون محبة الله عز وجل يفسرون المحبة بتفسير آلي وجبري وهو: موافقة قدر الله سبحانه وتعالى حتى ولو كان القدر سيئاً، فإن الله عز وجل قدر مقادير كثيرة في الكون، منها مقادير حسنة بالنسبة للإنسان، مثل الإيمان، والعمل الصالح، وراحة الإنسان وطمأنينته، ومنها مقادير سيئة بالنسبة للإنسان؛ لأن الله عز وجل لا ينسب إليه فعل الشر، لكن الأمر بالنسبة للعبد يكون سيئاً.
وهذه المقادير يجب أن يدفعها العبد عن نفسه، فيدفع الحر بالتبرد، ويدفع البرد بأن يتدفأ، ويدفع الجوع بالأكل، ويدفع العدو بالمقاومة والجهاد، ويدفع المعصية بالطاعة، ويدفع وسوسة الشيطان بالاستعاذة، ويدفع الكسل بالجد والنشاط، وهكذا كل أمر من الأمور المذمومة التي قدر الله عز وجل وجودها في الكون ابتلاءً منه سبحانه وتعالى لعبده، يجب أن يدفعها بالأمور الممدوحة.
فالله عز وجل كتب الكفر وجعله مقدراً في الحياة، لكن أمر العبد بأن يبتعد عن الكفر، وأن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يكون مخلص التوحيد له سبحانه وتعالى.