قال: [وهكذا أيضاً طالب المال فإن ذلك يستعبده ويسترقه، وهذه الأمور نوعان: منها: ما يحتاج العبد إليه كما يحتاج إليه من طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك، فهذا يطلبه من الله ويرغب إليه فيه، فيكون المال عنده، يستعمله في حاجته، بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، بل بمنزلة الكنيف الذي يقضي فيه حاجته، من غير أن يستعبده فيكون هلوعاً، {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا}[المعارج:٢٠ - ٢١]].
الكنيف هو: الحمام.
قال: [ومنها ما لا يحتاج العبد إليه، فهذا لا ينبغي له أن يعلق قلبه به، فإذا تعلق قلبه به صار مستعبداً له، وربما صار معتمداً على غير الله، فلا يبقى معه حقيقة العبادة لله، ولا حقيقة التوكل عليه، بل فيه شعبة من العبادة لغير الله، وشعبة من التوكل على غير الله، وهذا من أحق الناس بقوله صلى الله عليه وسلم:(تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة)، وهذا هو عبد هذه الأمور، فلو طلبها من الله فإن الله إذا أعطاه إياها رضي، وإذا منعه إياها سخط.