وهناك قوادح في العبودية لكنها دقيقة لا تصل إلى الشرك الأكبر، فهي تنقص قدر العابد، لكنها لا تخرجه عن دائرة الإسلام، ويكون هذا غالباً في تعلق القلب بغير الله عز وجل تعلقاً لا يوصله إلى الشرك الأكبر، فإذا صار وسيلة إلى الشرك الأكبر، صار من الشرك الأصغر، كما هو ضابط الشرك الأصغر عند العلماء، أو إذا كان العمل يوصل إلى الشرك الأكبر ووصف في الشرع بأنه شرك، ولم يصل إلى درجة الخروج من دائرة الإسلام، فإنه يعتبر شركاً أصغر.
أما ما كان دون ذلك من تعلقات القلب، كالتعلق بالطبيب أو بالوظيفة أو بالزوجة، أو بأي عرض من أعراض الدنيا، هذا التعلق لا يخلو من حالات، فإن رده عن طاعة الله عز وجل، أو دفعه إلى معصية الله عز وجل، فإن هذا من الشرك والعياذ بالله.
وإن لم يصل إلى ذلك وإنما هو تعلق قلبي وافتقار قلبي فهو بحسبه وبقدره، لكنه ينقص قدر صاحبه ولا يكون عنده تمام التوحيد، ولهذا في قصة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، منهم الذين لا يسترقون، ومعنى يسترقون يعني: يطلبون الرقية، فإن الألف والسين والتاء إذا جاءت تدل على الطلب، فمعنى استغفار: طلب المغفرة، واستغفر أي: طلب المغفرة، واستعان أي: طلب العون، واستغاث أي: طلب الغوث.
فالاسترقاء معناها: طلب الرقية، وإنما نقص قدر المسترقي عن درجة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؛ بسبب الحاجة التي تحصل عندما يطلب من غيره الرقية، خصوصاً في حالة المرض، فالإنسان في حالة المرض يكون تعلقه بالدواء، وتعلقه بمن يعتقد عنده دواء، بالذات إذا كان فيه أمر غيبي مثل: حالة القارئ فإنه ليس مثل العقاقير، أو العمليات التي تجرى، بل لها أسباب مادية ملاحظة.
أما بالنسبة للقراءة والرقية فإنها في الغالب تعتمد على أمر غيبي وهو: توفيق الله عز وجل واستجابته للدعاء، وكذلك الأمور الطبيعية والأسباب كما سبق أن ذكرنا فيها قاعدة، وهي أن الأسباب لا تؤثر في المسببات إلا بشروط، منها: أن يكون هذا السبب سبباً حقيقياً سواءً كان طبيعياً أو شرعياً، ومنها أيضاً: أن يشاء الله عز وجل أن يؤثر هذا السبب، فإن لم يشأ الله عز وجل أن يؤثر هذا السبب، فإنه لا يكون له تأثير في هذه الحالة.