للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التمييز بين أهل الحق والباطل دليل فساد القول بعذر العصاة]

ثم ساق آية طويلة في البراءة من المشركين في سورة الممتحنة، وساق آية أخرى في سورة المجادلة في موضوع البراءة من المشركين، ثم ساق مجموعة من الآيات معناها واحد، وهو التمييز بين الصنفين: المسلمين من جهة، والمشركين والفاسقين والعصاة من جهة أخرى، وهذا التمييز يدل على أن الجهاد والصراع بين الحق والباطل، واعتبار الحق حقاً، واعتبار الباطل باطلاً مقصود في الشريعة، وأن هذا هدف من أهداف هذا الدين الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله.

فمن الآيات التي ساقها قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:٣٥]، وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ} [ص:٢٨]، ولو كنا على مذهب الجبرية لما كان فرق؛ لأنا كلنا مجبورون.

وقال تعالى: ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) أي: هل يستوي هؤلاء وهؤلاء {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:٢١]، وقال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} [فاطر:١٩ - ٢٢]، وقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر:٢٩] يعني: هل يستوي المسلم والمشرك؟! أي: من يعبد إلهاً واحداً وهو الله سبحانه وتعالى، ومن يعبد آلهة متعددة لا يستويان، وقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل:٧٥ - ٧٦] فلا يستوي هو ومن ينفق ويبذل ويجاهد في سبيل الله.

وقال تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:٢٠].

ثم قال: [ونظائر ذلك فيما يفرق الله فيه بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل الطاعة وأهل المعصية، وأهل البر وأهل الفجور، وأهل الهدى وأهل الضلال، وأهل الغي وأهل الرشاد، وأهل الصدق وأهل الكذب].

<<  <  ج: ص:  >  >>