للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[انحراف الصوفية في مقام العبودية]

قال: [وهذا مقام عظيم غَلطِ فيه الغالطون وكثر فيه الاشتباه على السالكين، حتى زلق فيه من أكابر الشيوخ المدعين للتحقيق والتوحيد والعرفان ما لا يحصيه إلا الله الذي يعلم السر والإعلان].

غلطوا فيه بأنهم جعلوا توجههم لتوحيد الربوبية والعبودية الاضطرارية التي يستوي فيها المسلمون والكفار والأحياء والجمادات، وجعلوا الفناء فيه والتعلق به هو أساس الدين وأساس الإسلام، واشتغلوا به وانصرفوا عن الحقيقة الدينية الشرعية التي هي الإسلام، والتي يحبها الله ويرضاها، والتي فيها أوامر تقتضي الفعل ونواهٍ تقتضي الترك.

ولهذا وجد منهم من يقول: إن الإنسان إذا وصل إلى اليقين فإن التكاليف تسقط عنه.

لأن المتعلق بهذا النوع يقول: إذا فنيت فيه فإنك ستصل إلى اليقين.

والمقصود باليقين: أن الله هو الرب الخالق الرازق المحيي المميت، إذا وصلت إلى هذا اليقين التام -وهذا اليقين طبعاً يحتاج إلى رياضات كما يقولون- فإنه تسقط عنك الأوامر والنواهي؛ وهذا يدل على عدم تعظيم الأمر والنهي، وعلى عدم الاشتغال بها.

ولهذا سيأتي معنا أن هؤلاء جبرية يعظمون موضوع الفعل أكثر من تعظيمهم لموضوع الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>