[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الطائف وإظهاره الشكوى والافتقار إلى الله]
عندما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف والتقى بثقيف، ودعاهم إلى الله عز وجل وكفروا به، وأغروا به سفهاءهم وصبيانهم، ورموه بالحجارة حتى أدموا قدميه عليه الصلاة والسلام، رجع من الطائف وهو مليء قلبه بالأشجان والأحزان؛ لأن قومه رفضوا هذه الدعوة وهو يعلم أنها خير لهم.
فتأملوا النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يتحطم نفسياً، ولم يحتج إلى أحد في الدنيا وإنما التجأ إلى الله في أن يوظفه في الحلال فإذا أعطي نعمة يرفع يديه إلى الله: اللهم لا تجعلها فتنة لي، واجعلها باباً من أبواب الخير، ولا تجعلها فتنة، وإذا أصيب بالضراء يرفع يديه إلى الله، وتكون الصلة مع الله مستمرة، فأنت ترى كثيراً من الناس صلتهم بالله عز وجل شبه مقطوعة، حتى في عبادته وفي الصلاة وفي غيرها يؤديها بشكل روتيني، وقد يفكر في أعماله الخارجية أكثر من تفكيره في صلاته.
يأتي يقف في الصف ويكبر، وينتهي ويسلم ويخرج، وهو لم يفكر أنه يدعو الله عز وجل من قلب صادق، بحاجة في نفسه يحتاجها، وبعض الناس يظن أنه جزء أساسي من العمرة أن يكون معه كتاب يقرأ منه، وهذا ليس صحيحاً أبداً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لما فعل به أهل الطائف ما فعلوا: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله)، وفي بعض الروايات:(ولا حول ولا قوة إلا بك).