[القول الثاني: أن العموم الوارد في الآيات المراد به الإنس والجن فقط]
وقالت الطائفة الثانية: المقصود بالعموم في قوله: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}[الجمعة:١]، وقوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء:٤٤] المقصود به الخصوص، فإنه ليس المقصود بأن كل المخلوقات -ومنها الجمادات والحيوانات والنباتات- تسبح لله عز وجل، فإننا نرى الجمادات وهي لا تسبح، ونرى الحيوانات وهي لا تسبح، ونرى النباتات وهي لا تسبح، فحينئذ قالوا: إن هذا العموم يراد به الخصوص، وقالوا: بأن المراد الإنس والجن المكلفين فقط، وهذا القول فيه ضعف، والسبب في أن فيه ضعفاً هو أن الله عز وجل سمى أنواعاً من الجمادات ووصفها بالتسبيح، كما في آية سورة:(ص) الآنفة الذكر، فلو كان المراد بقوله:{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}[الجمعة:١] الجن والإنس المكلفين فقط، أو مع الملائكة لاعترض أيضاً على هذا القول بقوله:{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ}[ص:١٨] فسمى التسبيح وسمى الجبال، والجبال لا شك في أنها غير الإنس والجن والملائكة.