بصير بأعقاب الأمور إذا التوت ... كأن له في اليوم عين على غد
وقال ابن الرومي:
كمال وإفضال وبأس ونجدة ... وظن يريه الغيب لارجم راجم
وقال آخر:
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى ... إلى قول قوم أنت بالغيب عالم
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من لم ينتفع بظنه، لم ينتفع بيقينه. وقال عبد الملك بن مروان: ما فرق بين عمر وعثمان إلاّ اختلاف الضن: ظن عمر فأصاب فتحفظ، وظن عثمان فأخطأ فأمهل.
إنّه لنكد الحظيرة.
النكد: لشدة والقلة؛ يقال: نكد عيش القوم إذا اشتد، ونكد ماء البئر إذا قل، وناقة نكود قليلة الدر، ورجل نكد: عسير؛ والحظيرة والحظار بالظاء المشالة: ما يجعل للماشية ويحاط بالشجر ونحوه للتأويل إليه ويمنعها من الحر والبرد، لأنها من الحظر وهو المنع.
يضرب هذا المثل للرجل القليل الخير وللبخيل مع السعة، فكأن ضيق حضيرته كناية عن ضيق خيره وقلة فضله، كما يقال في المثل الآخر من هذا المعنى: فلان ضيق العطن، وإنّما العطن مبركة الإبل عند الماء؛ لكن جعل كناية عما مر. ويقال في ضده: فلان رحب الفناء، وسابغ الذيل، وغمر الرداء، ونحو ذلك. وقال أبو القاسم بن سلام: أراه سمى أمواله حظيرة لأنّه حظرها عنده ومنعها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة. وهو بعيد عن صنيع الكلام وأسلوب العرب في هذا النحو كما قررناه.