ويذكر في بعض الأخبار إنّه يؤمر بالكافر يوم القيامة فيسحب على حسك السعدان. وهذا النبت من أفضل مراعي الإبل يسمنها ويغذيها غذاء حسنا. قال النابغة:
الوهاب المائة الأبكار زينها ... سعدان يوضح في أوبارها اللبد
ولذلك ضربت به العرب المثل.
وقال أبو علي البصير يمدح عبيد الله بن خاقان وله:
يا وزراء السلطان ... أنتم وآل خافان
كبعض ما روينا ... في سالفات الأزمان
ماء ولا كصدى ... مرعى ولا كالسعدان
وهذان مثلان: ومثلهما:
فتى ولا كمالكٍ.
وهي كلها تضرب في الشيء يكون الفضل وغيره أفضل منه. وسيأتي بقيتها إن شاء الله تعالى.
قيل: وأوّل من قال: مرعى ولا كالسعدان امرأة من طيء تزوجها امرؤ القيس بن حجر الكندي وكان القيس مفركا. فقال لها يوما: أين أنا من زوجك الأول؟ فقالت: مرعى ولا كالسعدان! وكانت هذه المرأة تزوجها قبل ذلك رجل آخر ففضلته على امرئ القيس. قيل: وهذا الرجل هو قيس بن مسعود بن قيس بن خالد وهو الذي يقال له ذو الجدين لأنّه كان له جد عند الملوك وجد في الحروب. وقيل لأنّه أسر أسرين شريفين كان لهما فداء كثير ولم يؤسر أحد في زمانه أشرف منها ولا أكثر فداء فسمي ذا الجدين. وإياه يعني الحماسي بقوله:
أيا بنت عبد الله وابنة مالكِ ... ويا أبنت ذي الجدين والفرس الورد
إذا ما صنعت الزاد فلتمسي له ... أكيلاً فإني لست أكله وحدي!
رعى فأقصبَ.
الرعي تقدم؛ والقصب: القطع ومنه قيل للجزار قصاب لأنّه يقطع