هذا المثل كالذي قبله في المعنى، وهو هو بعينه. وأوّل من قاله قرين بن مصاد الكلبي. وكان لصا مبيراً حتى إنّه كان يقال له الذئب لشدة لصوصيته. وكان له أخوان: مرارة ومرة؛ وإنَّ مرارة خرج يتصيد الأروى في جبل يقال له أبلق، فأختطفه الجن. فانطلق مرة أخوه بأثره حتى إذا كان بذلك المكان اختطف أيضاً. وكان قرين غائبا فلما قدم وعلم بأمر أخويه أقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسه غسلا حتى يطلب أخويه. فتكتب قوسه وانطلق إلى ذلك المكان. فمكث فيه سبعة أيام لا ينام ولا يرى شيئاً حتى كان اليوم الثامن، فإذا هو بظليم فرماه وأصابه، واستقبل الظليم حتى صار في أسفل الجبل. فلما وجبت الشمس بصر بشخص قام على صخرة ينادي:
يا أيها الرامي الظليم الأسود ... ثبت مراميك ولمّا ترشد!
فأجابه قرين:
يا أيها الهاتف فوق الصخرة ... كم عبرة هجيتها وعبرة
بقتلكم مرارة ومرة ... فرقت جمعا وتركت صخرة!
فذهب الجني وتوارى عنه هونا من الليل. فأصابت قرينا حمى فغلبته عينه فنام. فأتاه الجني فاحتمله وقال: ما أنامك، وقد كنت حذرا؟ فقال قرين: الحمى أضرعتني للنوم. ثم أنطلق به حتى أتى حاضر الجن. فلما كان في وجه الصبح، خلى سبيله، فقال قرين عند ذلك: