وسيأتي تتمة الكلام عليه في حرف الحاء، إن شاء الله تعالى.
ويضرب هذا المثل عند التأسي والاعتبار، والتعزي والاستبصار. وهو من الأمثال الحكيمة.
أتتك بحائنٍ رجلاه.
الإتيان: التقدم. والحائن: الهالك. ويقال حان الرجل يحين حينا كباع بيعاً إذا هلك، فهو حائن. واحنه الله: أهلكه.
ويضرب هذا المثل فيمن سعى إلى مضرته وطلب هلاكه وجرى إلى حتفه. وقال عبيد بن الأبرص. وسببه أن المنذر بن ماء السماء أو النعمان على خلاف بينهم، كان قسم دهره يومين: يوم نعيم ويوم بؤس. فكان كل من يلقيه في يوم النعيم اجزل صلته، ومن لقيه يوم البؤس قتله. فبينما هو في أيام بؤسه إذ طلع عليه العبيد بن الأبرص. فقال له الملك: ألا كان الذبح لغيرك؟ فقال عبيد: أتتك بحائنٍ رجلاه: قال الملك: أو اجل بلغ أناه، ثم قال له: أنشدني يا عبيد، فقد كان يعجبنا شعرك. فقال عبيد: حال الجريض، دون القريض، ويبلغ الحزام الطبيين. قال: أنشدني:
أقفر من أهله محلوب ... فالقطبيات فالذنوب
وهو من شعر عبيد. فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد
فقال: أنشدني هبلتك أمك! قال: المنايا على الحوايا. فقال بعض القوم: أنشد الملك هبلتك أمك! فقال: لا يرحل رحلك من ليس معك.