يخبرهم إنّه يخرج غدا ليستعملوه، فعرفوا به المثل في الكذب والباطل. وقالوا: إذا سمعت بسرى القين فانه مصبح، وقد تقدم ورواه بعضهم: دهدرين وسعد اليقين بالواو ونصب سعد. وروى آخرون: دهدرى مقصود بغير نون التثنية، وقالوا موضعه في ضرب المثل إذا رد على مخبر خبره، أو على فعله، أو حمق أحمق. وروى آخرون: دهدرين ساعد اليقين.
والمقصود من ذلك كله واحد وهو الباطل باللغو. فيضرب عند التكذيب للحديث وادعاء بطلان الأمر. وقال أبو زيد: يقال للرجل يهزأ به: طرطبين ودهدرين ودهدرا وسعد القين.
وللنا في هذا اللفظ أقاويل هذا حاصلها، والله اعلم.
[الدهر حبلى لا يدرى ما تلد.]
الدهر بفتح فسكون، وتحرك الهاء الزمان الطويل، والزمان الممدود، أو ألف سنة: هذا قول اللغويين. وللفلاسفة فيه كلام بيناه في علم الكلام؛ والحبلى: الحامل. قال امرؤ القيس:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا ... وألهيتها عن ذي تمائم محول
حبلت المرأة بالكسر، حبلاً، فهي حابلة، والجمع حبلة؛ وحبلى، والجمع حبليات وحبلى، والولادة معروفة. والمعنى أنَّ الدهر، لا نبهام الأقدار الجارية فيه، وخفاء التصاريف الواقعة بذويه، شيبه الحلبى المنبهم أمر ذي بطنها، لا تعرف له ذكروة ولا أنوثة، ولا كمال ولا نقص، ولا حسن ولا قبح، حتى تلد فيتبين ذلك. وكذا الدهر لا يعرف فيما يأتي به من الأقدار والحوادث، أخير أم شر، وزيادة أم نقص، وسعة أم ضيق، حتى يقع ذلك فيظهر.