يوجب ذلك الوصف، أما حقيقة كان القاضي للقضاء بين الناس والمحتسب للاحتساب والمعلم للتعليم والصائغ للصياغة ونحو ذلك؛ وإما على الاشتقاق فقط كالافضال لمن اسمه فضل والحرث امن اسمه حارث والهنئ لمن اسمه هاني فإنَ ذلك هو أصل المثل. فيقال للذي تسمى بالقاضي وتأبى عن الحكم: إنّما سميت هانئا لتهنأ، أي قيل لكل قاض لتقضي بين الناس ونحو هذا.
إنّما اشتريت الغنم حذار العازبة.
الاشتراء والغنم معروف؛ والعزبة: الإبل، والعزوب بالزاي في الأصل: الذهاب والبعد. وعزبت الماشية، وعزب بها ربها: بعد بها في المرعى ولم ترح. ورجل عزيب: بعد عن أهله وماله. والعزيب من الإبل والشاة: ما يبعد عن أهله في المرعى. وكان لرجل إبل فباعها واشترى غنما لئلا تعزب ثم عزبت غنمه فقال: إنّما اشتريت الغنم حذار العازبة، فذهبت مثلا. ومضربه واضح من هذا.
إنّما القرم من الأفيل
القرم بالفتح: الفحل من الإبل وكذا الأقرم: والأفيل على مثل أمير: الفصيل وأبن المخاض فما فوقه؛ والجمع إفال، على مثل جبال. قال زهير:
فاصبح يجري فيهم من تلادكم ... مغانم شتى من إفال مزنمٍ
وقال آخر:
فإني لا تبكي عليَّ إفالها ... إذا شبعت من روض أوطانها بقلا
والمعذي إنَّ الجمل إنّما يكون قرما بعد ما يكون صغيرا أفيلا. فيضرب في أنَّ الأمر الكبير ينشأ عن الأمر الصغير، على نحو مر في أنَّ السقط يحرق الحرجة، وما يأتي في قولهم: العصا من العصية، ونحوه كثير.
إنّما هو كبارح الأروى.
البارح من الظباء والطير وغيرها: ما ولاَّك مياسرة، وهو أنَّ يمر من ميمنتك إلى ميسرتك. يقال: برح الظبي ونحوه بفتح الراء، بروحا، فهو بارح؛ وعكسه: السانح. والعرب تتيمن بالسانح، وتتشائم بالبارح. وسنذكر ما في ذلك بعده إن