ورباح اسم ساق كان يسقي لإبله. يريد إنّه أقامعاى السقي حتى دلكت الشمس أي مالت. وقيل: برح الخفاء أي ذهب السر وظهر. والخفاء هنا: السر. وقيل: الخفاء المتطأطئ من الأرض والبراح والمرتفع منها الظاهر. فإذا قيل: برح الخفاء فكأنه قيل أرتفع المتطأطئ حتى صار كالمرتفع الظاهر. وقال بعضهم: الخفاء ما غاب عنك. وقال بعض الأئمة: يقال: برح الشيء يبرحه إذا انتحى وذهب وبرح الخفاء: ذهب؛ وأبرحته أنا: أذهبته. قال أبن دريد: وأوّل من قاله شق الكاهن. وقال حسان رضي الله عنه:
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... مغلغلة فقد برح الخفاءُ
[أبرد من حبقر.]
أبرد: من البرودة وهي معروفة وحبقر أصله حب قر والحب: حب الغمام، والقر: البرد. ويقال: أبرد من حب قر وأبرد من عبقر ومن عب قر. والعب من أسماء البرد.
بر الكريم طبعٌ، وبر البخيل دفعٌ.
البر: الحسان والفضل. ولا شك أنَّ الكريم ينبعث منه البذل طيبة به نفسه، بل يجد في ذلك أعظم اللذات، والبخيل لا يصدر عنه عطاء إلاّ عناء ومقاساة من نفسه حتى لا يكاد تسمع نفسه بالعطاء إلاّ عن رغبة أو رهبة كتوقي الأذى في النفس والمال والعرض. وهذا المنى بين مشروح في أبواب الكرن والبخل، مشهور لا حاجة إلى ذكره وما قيل فيه.
ومن الشديد الصعب في هذا المقام ما ذكره صاحب التشوق رحمه الله تعالى في مناقب الشيخ أبي العباس السبتي رضي الله عنه عن أبي زيد عبد الرحمن بن يوسف الحسني قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أريد أن أراك في النوم كل ليلة. فقال: هذا لا يمكن فإني مطلوب في المشرق والمغرب. فشكوت له حالتي فقري، فقال لي: البخل أضر بك. قال: فمر بنا أحمد بن دوناس، وهو رجل صالح من الأولياء الأخفياء من أهل أغمات، لا يمسك شيئاً وربما تجرد عن أثوابه فيؤثر