أحدهما الإكثار من الزيارة والإفراط فيها وهو يوجب السأم والملل والضجر. والثاني الإقلال منها جدا والإفراط في الغيبة والقطيعة. وهو يوجب الوحشة والتقاطع والتباعد. ونظم بعض الشعراء الكلام المذكور فقال:
إذا شئت أن تلقى فزر متتابعاً ... وإن شئت أن تزدد حباً فزر غبا
وقال الثعالبي:
عليك بإقلال الزيارة إنما ... تكون إذا دامت إلى الهجر مسلكا
فإني رأيت القطر يسأم دائماً ... ويطلب بالأيدي إذا هو أمسكا!
وقال أبو العتاهية:
أقلل زيارتك الصديق ولا تطل ... إتيانه فيلح في هجرانه!
إنَّ الصديق يلج في غشيانه ... لصديقه فيمل في غشيانه
حتى تراه بعد طول سروره ... وكأنه متبرم بمكانه
وإذا تولى عن صيانة نفسه ... رجلٌ تنقص واستخف بشانه
وقالوا: قلة الزيارة أمان من الملالة. وقالوا في الطرف الآخر يرك الزيارة سبب القطيعة. وينسب لعلي كرم الله وجهه: