التمر تقدم والبئر معروف وكذا الجمل. وأصل المثل إنَّ المنادي كان يقوم في الجاهلية على اطم من اطام المدينة فينادي بذلك الكلام حتى يدرك التمر أي: من سقى نخيله بمياه الآبار على ظهور الجمال بالسواني وجد التمر وحمد عاقبة الأمر وأدرك غاية السقي ونجاح الرأي. وهذا كما تقول: الزرع في تحريك الأرض وتزبيلها والعنب في زبر الكرم وسقياه. وهذا كله تحضيض على أحكام الأسباب والاعتناء بالسوائل وتنبيه على إنَّ المقاصد منوطة بها ومرتبط صلاحها بصلاحها. وقريب منه المثل الآخر: وهو قولهم: عند الصبح يحمد القوم السرى وقول القائل:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا ... ندمت على التفريط في زمن الزرع
اتميميا مرة وقيسيا أخرى؟
يضرب لمن يتلون ويختلف كلامهم يقف على حال أي: أتنتسب إلى تميم مرة وإلى قيس مرة أخرى؟ وتميم وقيس قبيلتان عظيمتان من قبائل العرب. أما تميم فهو تميم بم مر بم آد بن طابخة بالباء الموحدة والخاء المعجمة بن الياس بن مضر بن نزار وأما قيس فهو قيس بن عيلان بفتح العين المهملة واسمه الياس بن مضر بن نزار وقيس لقب له. وقد قيل إنَّ عيلان هو أبو قيس. ويدل لصحته قول الحماسي:
لحى الله قيسا عيلان إنّها ... أضاعت ثغور المسلمين وولت
فشاول بقيس في الطعان ولا تكن ... أخاها إذا ما المشرفية سلت
إلاّ إنّما قيس بن عيلان بقة ... إذا شربت الماء العصير تغنت
فصرخ بأنه أبن عيلان. وبين القبيلتين أبداً منافرات ومكافحات ومقاتلات. ومن ثم اشتهر بينهما التقابل كما في هذا المثل وشاع عند البيانيين في باب القصر التمثيلي بقولهم: فلان تميمي مراعاة لهذا الأمر. وفي بعض الأخبار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الدرداء إذا فاخرت ففاخر بقريش وإذا كاثر فكاثر بتميم وإذا حاربت فحارب بقيس إلاّ إنَّ مجوهها كنانة