فقال له الملك: لا بد من الموت ولو لقيني أبي في هذا اليوم لم أجد بداً من أن اذبحه. فأما إذ كنت لها وكانت لك فأختر مني ثلاث خصال: من الأكحل، وإنّ شئت من الأبجل، وإنّ شئت من الوريد. فقال عبيد: ثلاث خصال مقادها شر مقاد، وحاديها شر محاد، ولا خير فيها لمرتاد، فإن كنت لا محالة فاعلاً فأستقي الخمر حتى إذا ذهلت لها ذواهلي، وماتت لها مفاصلي فشأنك وما تريد! فسقاه، فلما أخذت فيه الحميا وقرب الذبح أنشد يقول:
وخيرني ذو البؤس يوم بؤسه ... ثلاثاً أرى في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الدهر مرة ... سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكل ببلدةٍ ... فتتركها إلاّ كما ليلة الطلق
فأمر به فذبح. وفي هذه القصة أمثال يأتي شرح كل منها في محله إن شاء الله تعالى. ولمّا دخل عبد الله بن زياد الكوفة، وسمع به مسلم بن عقيل بن أبي طالب، تحول إلى هانئ بن عروه المرادي، فوضع أبن زياد الرصد على مسلم حتى علم بموضعه، فبعث محمّد بن الأشعث إلى هانئ فجاءه به من هناك. فلما نظر إليه أبن زياد قال: أتتك بحائن رجلاه! ثم قال:
أريد حياته ويريد قتلي ... عذريك من خليلك من مراد
والقصة مشهورة في قتل الحسين رضي الله عنه، وسنلم ببقايا بعد إنّ شاء الله تعالى.
[أتيته صكة عمي]
الإتيان مر والصك: الضرب الشديد. والصكك: اضطراب الركبتين والعرقوبين.