للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأكل من تمر ومن شيشاء ... ينشب في المعسل واللهاء!

والمعنى المثل أنَّ الإحسان، وتوارد العطايا الحسان، يلطف اللسان، بالثناء والشكران. وهذا المثل وقع في كلام الكميت، وقيل له: لم صارت أشعارك في بني امية أطيب منها من بني هاشم؟ فقال: إنَّ اللهى تفتح اللهى! ومن أظرف ما أتفق في هذا ما حكي شمس الدين بن خلكان أنَّ المعتمد بن عباد الأندلسي ذكر يوما قول أبي الطيب:

إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أثاب بها معيي المعطي ورازمه

فجعل يردده استحساناً له وفي الخضرة عبد الجليل بن وهبون، فقال ارتجلا:

لئن جاد شعر أبن الحسين فإنما ... تجيد العطايا ز اللهى تفتح اللهى

تنبأ عجبا بالقريض ولو درى ... بأنك تروي شعره لتألها

إنّما يجزي الفتى ليس الجمل.

يضرب هذا المثل في المكافأة وهو للبيد بن ربيعة في شعره يقول فيه:

فإذا اقترضت قرضاً فأنجزه ... إنّما يجزى الفتى ليس الجمل

وإذا زمت رحيلا فأرتحل ... واعص ما يأمر توخيهم الكسل

واكذب النفس إذا حدثتها ... إنَّ صدق النفس يزري بالأمل

وهذه كلها أمثال.

إنّما سميت هانئاً لتهنأ.

التسمية معروفة. وهانئ اسم رجل، والهنأ: الإعطاء؛ يقال هنأته هنئاً إذا أعطيته ورفدته، والاسم الهنئ بالكسر، قيل: وبالفتح أيضاً، وهو العطاء ويقال: هنأه شهراً أو شهرين إذا عاله هنئا وهناءة. قال الشاعر:

هنأتهم حتى أعان عليهم ... سوامي السماك ذي السلاح السواجه

يضرب هذا المثل في الحضّ على بذل الافضال. وعن الكسائي: وسمعت إعرابياً يقول: إنّما سميت هانئا لتهنأ، أي لتعول وتكفي.

قلت: وينبغي أنَّ يضرب عند التحريض كل ذي وصف، أو لقب أو حرفة على فعل ما

<<  <  ج: ص:  >  >>