التأخير. ويروى قول علي كرم الله وجهه أو غيره من الحكماء: من أراد النساء ولا نساء فليكر الغداء وليبكر العشاء وليخفف الرداء وليقلل غشيان النساء. انتهى. قوله فليكر الغداء: أي يؤخره كما في بيت الحطيئة. وأراد بتخفيف الرداء أن يجنب نفسه ثقل الدين: فإن هم الدين يهرم كما قال: لا هم إلاّ هم الدين ولا وجع إلاّ وجع العين.
[خير الغنى القنوع وشر الفقر الخضوع.]
الغنى بكسر الغين وألف مقصورة ضد الفقر. قال:
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلتِ
وقد يمد للضرورة. قال:
سيغنيني الذي أغناك عني ... فلا فقر يدوم ولا غناءُ
والقنوع: السؤال والتذلل للمسؤول. وقد قنع الجل بالفتح قنوعا فهو قانع وقنيع. قال:
لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أخف من القنوع
والمفاقر جمع فقر على غير قياس مثل مذاكير لذكر ومحاسن لحسن على ما في ذلك من كلام عند النحويين. ومنه قول النابغة:
فأهلي فداء لامرئ إن أتيته ... تقبل معروفي وسد المفاقرا
وقال عدي بن زيد العبادي:
وما خنت ذا عهد وأنت بعهده ... ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعا
أي سائلا. وفي كلامهم: نسال الله القناعة ونعوذ به من القنوع.
وقلت في هذه المادة من قصيدة:
إن دعا القنوع ليس بشافيه ... هذا المرء نيل اقصى الأماني
ومن اعتز بالقناعة أمسى ... في نعيم وعزة وأمانِ
وقد يكون القنوع بمعنى القناعة وهو الرضى بالقسم على الضد وهذا هو المراد في المثل. قال الشاعر:
وقالوا قد ذهبت فقلت كلا ... ولكني أعزني القنوعُ