أنف جمع أنوف. والخسف: الظلم والذل. والمعنى: إننا نمتنع أن تلمسنا يد الظالم ونعاف أن نطعم الهوان والضيم ويهون علينا في نيل العزة والارتفاع تجشم غمرات الدفاع واصطلاء جحيم القراع حتى نشرب سموم الموت المنقعة بأطراف الأسنة المشرعة. وضرب الطعم لنيل الهوان، وشرب السم للموت والألم مثلا.
إنَّ الكريم إذا خادعته انخدع.
هذا في شعر لم أثبته الآن. وقد تمثل بهذا المثل الرشيد وذلك إنّه سخط على حميد الطوسي فدعا له بالنطع والسيف لتضرب عنقه. فلما أخذ من بين يديه لتضرب عنقه بكى فقال له الرشيد: ما يبكيك؟ أجزعاً من الموت؟ قال: لا ولكن بكيت أن أخرج من الدنيا وأمير المؤمنين عليَّ ساخط. فضحك الرشيد وأنشد: إنَّ الكريم إذا خادعته انخدع ثم وهبه للحسن بن قحطبة.
إنَّ ليتاً وإنَّ لوّاً عناءُ.
أخذناه من قول الحماسي:
إنّما مت غير أني حيّ ... يوم بانت بودها الحسناءُ
من بني عامرٍ لها شطر قلبي ... قسمةٌ مثل ما يشقُ الرداءُ
أشربت لون صفرة في بياضٍ ... وهي في ذاك لدنةٌ غيداءُ
وأراد بالليت الضمني وجعله اسمه كقوله: ليت وهل ينفع شيئا ليت؟ ولو هنا هي التي تكون للتمني نحو: لو تأتينا فتحدثنا. وجعله اسما كقوله:
ألامُ على لو ولو كنت عالما ... بأذناب لو لم تفتني أوائله
والعناء: المشقة والتعب. يريد أنَّ ما ذكر بعيد المطلب فتمنيه مشقة وتعب. وللبيتين الأولين قصة ظريفة وهي إنّه فيما يزعمون لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قاضٍ يميل إلى سماع الشعر فطرب لذلك طربا شديدا وقام من مجلسه وأخذ نعاله وعلقهما في أذنيه وجعل يقول: أهدوني فإني هدية! فبلغ ذلك عمر رضي الله