وهذا إخبار بأنَّ بين الأرواح تارة تناسبا باطنيا يوجب الالتئام والتوافق وتارة تباينا يوجب الوحشة والاختلاف بإذن الله تعالى وهو مشاهد مجرب. ومن ثم قال أبو الطيب:
أصدق نفس المرء من قبل جسمه ... وأعرفها في فعله والتكلم
وقال الآخر:
وقائل لي: لم تفارقتما؟ ... فقلت قولاً فيه إنصافُ
لم يك من شكلي ففارقته ... والناس أشكالٌ وآلافُ
وقال طرفة في أبيات:
وأنت امرؤ منا ولست بخيرنا ... جوادٌ على الأقصى وأنت بخيلُ
وأنت على الأدنى شمالٌ عريةٌ ... شآميةٌ تزوي الوجوه بليل
وأنت على الأقصى صبا غير قرةٍ ... تذاءب منها ومرزغٌ ومسيلُ
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليلُ
وأنَّ لسان المرء ما لم يكن له ... حصاةٌ على عوراته لدليلُ
وأنَّ امرءاً لم يعف يوما فكاهةً ... لمن لم يرد سوءاً بها لجهولُ
تعارف أرواح الرجال إذا التقت: فمنهم عدوٌ يتقى وخليلُ
وقال المجنون:
تعلق روحي روحها قبل خلقنا ... ومن بعدها كنا نطافاً وفي المهدِ
وقال أبن الرومي:
ذو الود مني وذو القربى بمنزلةٍ ... وأخوتي أسوةٌ عندي لخلانُ
أحبةٌ جاورت آدابهم أدبي ... فهم وإن فرقوا في الأرض جيراني
أرواحنا في مكانٍ واحدٍ وغدت ... أجسامنا بعاقٍ أو خراسانِ
والشعر في هذا المعنى لا يحصى. ومثله المثل الآتي: وافق شنٌ طبقة.
[استراح من لا عقل له.]
الاستراحة ضد التعب. تقول: أرحت الرجل فاستراح؛ وإنّما استراح الذي