ومن الأمثال العامية قولهم:
[حل عبستك، ما أردت خبزتك!]
يضربون للرجل يعجز إنَّ يجامل الناس بحسن خلقه فضلا عن إنَّ يسامح بنداه. وقولهم:
[الحمار حماري وأنا أركب من وراء!]
وقد آن أنَّ نذكر في هذا الباب ما يتيسر من الشعر. قال الشاعر:
أخاك أخاك، إنَّ من لا أخاله ... مساع إلى الهيجا بغير سلاح
وإنَّ أبن عم المرء فأعلم جناحه ... وهل ينهض البازي بغير جناح؟
وقال الآخر:
وإني وتركي ندى الأكرمين ... وقدحي بكفي زندا شحاحا
كتاركة بيضها بالعراء ... وملحفة بيض أخرى جناحا
يريد النعامة، وقد تقدم ذلك فيها.
وقال عروة بن الورد:
وقلت بقوم في الكنيف تروحوا ... عشية بتنا وإنَّ رزح
تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم ... إلى مستراح من حمام مبرح
وسيأتي ما يناسب هذا المعنى، إن شاء الله.
ومن يكن مثلي ذا عيال ومقترا ... يغرر ويطرح نفسه كل مطرح
ويبلغ عذرا أو يصيب رغيبة ... ومبلغ نفس مثل منجح
والكنيف حظيرة تعمل للماشية تحفظ فيها؛ والرزح جمع رازح وهو الساقط المعيي هزالا، وهو نعت القوم؛ والحمام بكسر الحاء الموت وجعله مبرحا أي شاقا لطوله لأنهم يبقون حتى يموتوا جوعا.
وذلك أنَّ عروة مر بقوم من أهله قد جهدوا على أنفسهم حظيرة، فقال لهم: ما هذا؟ قالوا: أنا جهدنا وخفنا على أنفسنا السباع، فعملنا هذا نبقى فيه حتى نموت. فلامهم على ذلك واستنهضهم لطلب الرزق. فسار بهم حتى نزلوا ماء يقال له ماوان لبنى فزارة. فمر بهم راكب معه ظعينة على بعير ومائة ناقة. فقام إليه عروة فقاتله حتى قتله.