للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شناعته وقبحه يتبين بسماعه وإن لم تعانيه؛ أو أنه يحصل لك اتهام ما به من مجرد سماعه وإن لم تقدم عليه ولا انتسبت إليه؛ أو يكفي فيما انتسب إليك من الشر سماع الناس له وإن لم يعانوه. وهذا ما ذكر أبو عبيد أنَّ هذا المثل يضرب فيما يحذر من العار والعيب والمقالة السوء وإن كانت باطلا كقول الآخر:

قد فيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا؟

وإما على معنى الأمر أي: اكتف من الشر بسماعه ولا تعانيه والله أعلم.

والمثل لأم الربيع بن زياد العبسي وكان ابنها الربيع أخذ من قيس بن زهير درعا فعرض قيس لأم الربيع وهي على راحلتها في طريق فأراد أن يقبضها في الدرع فقالت: أين عزب عنك عقلك يا قيس؟ أترى بني زياد مصالحيك وقد ذهبت بأمهم يمينا وشمالا وقال الناس ما قالوا؟ إنَّ حسبك من شر سماعه. فذهبت كلمتها مثلا.

وقالت عاتكة بنت عبد المطلب من شعراء الحماسة:

سائل بنا في قومنا ... وليكف من شر سماعه

قيساً وما جمعوا لنا ... في مجمع باقٍ شناعه

وبعده:

فيه السنور والقنا ... والكبش ملتمع قناعه

بعكاظ يعيش الناظر ... ين إذا هم لمحوا شعاعه

فيه قتلنا مالكاً ... قسراً وأسلمه رعاعه

ومجندلاً غادرنه ... بالقاع تنهشه ضباعه

تصف بهذا الكلام حرب الفجار بين قريش بعكاظ. وأرادت بقولها: وليكف من شر سماعه: أنا أوقعنا بهم من الشر ما ظاهر غني عن السؤال عنه والأخبار به.

تحسبها حمقاء وهي باخسٌ.

تقول: حسبت زيدا عالما بالكسر أحسبه وأحسبه محسبة ومحسبه وحسباناً بالكسر إذا ظننته؛ والحمقاء مؤنث الأحمق؛ والباخس من البخس وهو النقص والظلم. يقال: بخسه حقه يبخسه بخسا فهو باخس

<<  <  ج: ص:  >  >>