يضرب في سوء السمع والإجابة. وهذا المعنى ظاهر في الرواية الأخيرة. وأما الروايتان الأوليتان فأولهما رواية أبي عبيد. قال البكري: وتصح على حذف يريد حدث حديثين المرأة فإن لم تفهم فأربعة لا تفهمها. وعلى الرواية الأخرى: فعشرة لا تفهمها. انتهى.
قلت: وهذا المثل من الأمثال الموضوعة على ألسنة العجماوات. زعموا أنَّ الأرنب التقطت ثمرة فاختلسها الثعلب فأكلها فانطلقا إلى الضب يختصمان. فقالت الأرنب: يا أبا الحسل! فقال: سميعا دعوت. قالت: أتيناك انختصم إليك فأخرج إلينا. قال: في بيته يؤتى الحكم. قالت: إني وجدت ثمرة. قال: حلوة فكليها. فقالت: فاختلسها مني الثعلب. قال: لنفسه سعى. قالت: فلطمته. قال: حقك أخذت. قالت فلطمني. قال: حر انتصر. قالت: فاقض بيننا! قال: حدث امرأة حديثين فإن لم تفهم فأربعة! وهذه المقالة المنسوبة إلى الضب كلها أمثال سائرة.
[حديث خرافة يا أم عمرو!]
الحديث معروف. وخرافة على مثل أسامة، رجل من عذرة استهوته الجن ثم نجا. فكان يخبر بأمور غريبة فكذبوه وقالوا: حديث خرافة ثم ضربوا به المثل وجعلوه لكل حديث مستملح أو لكل حديث لا حقيقة له. وهو مثل سائر قديما وحديثا. وقيل إنَّ خرافة كان له تابع من الجن فكان يخبره بأشياء عجيبة فيتحدث بها فتكون كما ذكر فنسبوه إليه الأحاديث الصادقة المعجبة الصادقة. قال الجوهري: ويروى عنه صلى الله عليه وسلم إنّه قال: وخرافة حق. انتهى.
وذكر بعض الأدباء إنّه روي بسند متصل إلى عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: حدثني بحديث خرافة! فقال: رحم الله خرافة! كان رجلا صالحا فأخبرني أنه خرج ذات ليلة فلقي ثلاثة نفر من الجن فأسروه فقال أحدهم: نعفو عنه. وقال آخر: نقتله. وقال آخر: نستعبده. فبينما هم يتشاورون في أمره ورد عليهم رجل فقال: السلام عليكم! فقالوا وعليكم السلام! قال: وما أنتم عليه؟ قالوا: نفر من الجن أسرنا هذا فنحن نتآمر في