للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشأم من عطر منشمٍ.

العطر بالكسر معروف وتقدم في حرف الباء؛ ومنشم على مثل مجلس امرأة كانت بمكة عطارة وهي بنت المجية. وكانت خزاعة وجرهم إذا اقتتلوا تطيبوا من عطرها. فكانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فقالوا:

[أشأم من عطر منشم.]

وقال زهير بن أبي سلمى:

تداركتما عبساً وذبيان بعدما ... تفانوا ودقوا بينهم عطر منشمِ

والمنشم أيضاً بكسر الشين وفتحها عطر صعب القرآن وقيل هو قرون السنبل سم ساعة وحمل عليه بيت زهير المذكور.

[أشأم من غراب البين.]

غراب البين قيل هو الحمر النقار والرجلين وقيل الأبقع منها وهو الذي في صدره بياض. قال عنترة:

ضعن الذين فراقهم أتوقع ... وجرى بينهم الغراب الأبقعُ

وإنّما قال ذلك لأنه سمع نعيبه قبل رحيلهم فتشاءم به والعرب تتشاءم به. وسموه غراب بين لأنه بان عن نوح عليه السلام لمّا وجهه لتنظر إلى الماء فذهب ولم يرجع ولذلك تشاءموا به. وقيل لأنّه ينعب في منازلهم إذا بانو عنها وينزل في مواضع إقامتهم إذا ارتحلوا منها. فلما كان يوجد عند بينونتهم اشتقوا له اسما من البينونه وتشاءموا به لإنذاره بالبين وإعلامه بالفراق من كلام عنترة. وعلى هذا كل غراب فهو غراب البين. وقد قيل إنّما اشتقت الغربة والاغتراب والغريب من الغراب وأهل الزجر يلمحون ذلك ويتطيرون به كما قال قائلهم:

وصاح غرابٌ فوق أعواد بانةٍ ... بأخبار أحبابي فقسمني الفكر

فقلت: غراب لاغترابٍ وبانةٌ ... ببين النوى تلك العيافة والزجرُ

وهبت جنوبٌ باجتنابي منهم ... وهاجت صباً قلت: الصبابةُ والهجر!

وقال الإمام المقدسي في وصف غراب البين: هو غراب أسود ينوح نوح الحزين

<<  <  ج: ص:  >  >>