حيث من ظروف المكان؛ والوضع: الطرح والجعل. تقول: وضعت الشيء أضعه بفتح الضاد فيهما؛ والرقية بضم الراء العوذة رقاه يرقيه رقيا فهو له نفث في عوذته. قال عروة بن حزم:
فما تركا من رقية يعلمونها ... ولا شربة إلاّ بها سقياني
وهذا المثل يضرب في الأمر لا يدنى ولا يقرب منه.
قال أبو علي القالي: وكأنهم يرون أنَّ أصل ذلك ملسوعا لسعا في آستة فلم يقدر الراقي أن يقرب أنفه مما هناك. انتهى.
قالت: وأورده أبو عبيد في أمثاله بلفظ جرحه حيث لا يضع الراقي أنفه وقال إنّه يضرب في الجناية لا دواء لها. فقال البكري عن أبن الكلبي: أوّل من نطق بهذا المثل امرأة من العرب وأظنها زوجة حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم أو بنته وكان حنظلة شيخا كبيرا. فأصابتهم ليلة ريح ومطر وبرق. فخرجت تصلح طنب بيتها وعليها صدار. فأكبت على الطنب وبرقت السماء برقة فأبصرها مالك بن عمرو بن تميم وهي مجيبة فشد عليها حتى خالطها فقالت:
يا حنظل بن مالك لحرها ... يشفى بها من ليلةٍ وقرها!
فأقبل بنوها وزوجها فقالوا لها: مالك؟ فقالت: لدغت. قالوا: أينه؟ فقالت: حيث لا يضع الراقي أنفه. فذهبت مثلا. ومات حنظلة بن مالك فتزوجها مالك بن تميم صاحب اللدغة فولدت له نفرا.
[أحير من برغوث.]
تقول: حار الرجل يحار حَيرة وحِيرة وتحيرا: إذا نظر فلم يهتد؛ والبرغوث بضم الباء معروف. قال الأعرابي:
إلاّ ليت شعري هل أبيتن ليلة ... وليس لبرغوث علي سبيلُ؟
وهو يطير إلى وراء وذلك من لطف الله تعالى به ليرى من يكيده.