للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبن احمر:

ولا تحلي بالمطروق إذا ما ... سرى سرى في القوم أصبح مستكينا

والعنداوة: الصعوبة، من العنود، وهو رد الحق والحيدودة عن الطريق، وبعير عاند يحيد عن الطريق.

والمعنى أن سكونه ورخاوته قد يكون معه احياناً عسرة وشراسة.

إنّ الجواد عينه فرارة.

الجواد: العتيق من الخيل الكثير الجري، سمي به لأنّه يجود بنفسه. والعين تطلق على الباصرة، وعلى الشخص الشيء وهو المراد هنا؛ والفرارة: أن تفتح فإذا الدابة لتعلم سنها. يقال: فرها فرا وفرارا، مثلث الفاء، إذا فتح فاها لذلك. ومن قول الحجاج: ولقد فررت عن الذكاء، وفتشت عن تجربة، أي فررت فوجدت تام السن. فإن الذكاء يطل على السن، وهو أحد ما يفسر به قول زهير:

يفضله إذا اجتهدا عليها ... تمام السن منه والذكاء

ومنه المثل الآتي: جري المذكيات غلاب. وإلى هذا المعنى أشار أبو بكر بن دريد رحمه الله بقوله:

وفر عن تجربة نابي فقل ... في بازل راض الخطوب فامتطي

وكتب الحسن بن سهل إلى القاضي محمد بن سماعة: أما بعد فأني احتجت لبعض أموري إلى رجل جامع لخصال الخير، ذي عفة ونزاهة طعمة، قد هذبته الآداب وأحكمته التجارب، ليس بظنيت برأيه ولا بمطعون في حسبه؛ إن أؤتمن على الأسرار قام بها، وإن قلد مهما من الأمور أجزأ فيه؛ له سن مع أدب ولسان، تعقده الرزانة ويسكنه الحلم، قد فرعن ذكاء وفطنة، وعض على قارحة من الكمال، تكفيه اللحظة، وترشده السكتة؛ قد أبصر خدمة الملوك وأحكمها، وقام بأمورهم فحمد فيها؛ له أناة الوزراء، وصولة الأمراء، وتواضع العلماء، وفهم الفقهاء، وجواب الحكماء، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه، وحسن بيانه. دلائل الفضل عليه لاحئة، وأمارة العلم له شاهدة؛ مضطلعا بها أستنهض، مستقلا بما حمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>