وأصطبح الرجل: شرب الصبوح بالفتح، وهو ما يشرب صباحا؛ وأصبح أيضا: أوقد المصباح.
ولم أقف بعد على تفسير هذا المثل، وأظن أنَّ معناه إنّه لثقله إذا سقيته انتظر للصبوح فيكون كالمثل السابق: أجلسته عندي فاتكاً، والمثل الآتي: أطعم العبد الكراع، فيطمع في الذراع!
اسق رقاش إنّها سقاية!
السقي مر؛ ورقاش اسم أمرأة، ويقال ساقية وسقاءة بالتشديد فيهما وجاز في الياء القلب وعدمه، نظر إلى اعتبار زيادة هاء التأنيث وإلى لزومها في هذا البناء. ويضرب للمحسن أي: احسنوا إليه لكونه محسنا. قال الحماسي:
[سكت ألفا، والنطق خلفا.]
السكوت معروف؛ والألف عدد معروف؛ والنطق خلاف السكوت؛ والخلف نقيض القدام. والخلف أيضاً الرديء من الكلام ومنه المثل. ومعناه: سكت عن ألف كلمة صواب ثم نطق بخطأ. وهكذا فسروه.
وحكوا أنَّ أعرابيا جلس مع قوم، فحبق حبقة فتشور، فأشار بإبهامه إلى أسته وقال: إنّها خلف نطقت خلفا! وهذا صحيح في لفظ الخلف في المثل. وأما في لفظ الألف، فالذي يظهر منه لا. وادبيهة أنَّ المراد به ألف سنة أو نحو ذلك من الأزمان، ويكون المراد الأخبار عن إطالة السكوت، لا حقيقة الألف. وكأنه قيل: إنّه أطال السكوت ثم لمّا تكلم لم ينطق إلاّ بالرديء من الكلام. ومن هذا يحكى إنَّ شابا كان يجالس الأحنف وكان صموتا، فأعجب الأحنف ذلك منه. ثم خلت الحلقة يوما فقال له: يا أبن أخي، مالك لا تتكلم؟ فقال: يا عم، أرأيت لو أنَّ رجلا سقط من شرفة هذا المسجد، أيضره شيء؟ فقال الأحنف: ليتنا تركناك، يا أبن أخي!