الوطن بالفتحتين معروف والسباء بالكسر والمد: الأسر. يقال: سبى عدوه يسبيه سبيا سباء واستباه إذ أسره. والمعنى إنَّ الخروج من الوطن ومفارقة الأهل والسكن شبيه بالسباء نوعان: أحدهما الأسر والآخر: السفر فسار السفر أحد السباءين وهذا ذم له. وتقدم في ذم السفر ومدحه من الآثار والأشعار ما أغنى عن الإعادة. وسيأتي ذكر ما في هذه التثنية الواقعة في السباء إن شاء الله تعالى.
[اتق مأثور القول!]
التقوى معروف والمأثور: المروي المحكي. والمثل لحمل بن بدر قاله يوم الهباءة وهو اكبر أيام حرب داحس بين عبس وذبيان وسبب الحرب كلها. وصدور المثل على ضرب من الإيجاز والاختصار إنَّ قيس بن زهير فيما يزعمون وهو من بني عبس كان اشترى من مكة درعا تسمى ذات الفضول فاغتصبها منه عمه الربيع بن زياد وكان سيد عبس. فغضب قيس وتحل عنهم ونزل على بني ذبيان وسيدهم إذ ذاك حذيفة بن بدر وأخوه حمل بن بدر فأكرموه واحسنوا جواره. ثم إنَّ قيس بن زهير وحذيفة بن بدر تراهنا يوما على خطر عشرين بعيرا وجعلا الغاية مائة غلوة والمضمار أربعين ليلة والمجرى من ذات الاصاد. فاجرى قيس داحس والغبراء وأجرى حذيفة الخطار والحنفاء. فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة كمينا في الطريق. فلما جاءت الغبراء وكانت سابقة لطموها وردوها. فقال قيس: سبقت فدفعوه عن ذلك حتى وقع بينهم الشر. فطلب منهم قيس بعيرا واحدا فقال جذيمة: ما كنا لنقر لكم بالسبق فلما رأى قيس ذلك ترحل عنهم وفارقهم. ثم إنّه أغار فلقي عوف بن بدر أخا حذيفة فقتله ووداه مائة ناقة عشراء. ثم خرج مالك بن زهير أخو قيس فلقيه حمل بن بدر فقتله. فأرسل قيس إلى حذيفة إنَّ اردد علينا ابلنا فقد قتلت مالك بن زهير بعوف بن