بدر. وكانت الإبل قد تناجت عند حذيفة فدفعها دون أولادها. وامتنعت عبس إلاّ إنَّ يقابلهم ابلهم بأولادهم فهاجت الحرب بين الفريقين ودامت أربعين سنة فيما يزعمون إلى إنَّ اصلح بينهم الحارث بن عوف وهرم بن سنان المريان كما سنذكر. وكانت بنو عبس وتروهم فاجتمعت القبائل وحلفاؤها وتعاقدوا وتحالفوا فسار حذيفة إلى عبس في جموع لا تحصى. فلما رأت عبس ذلك اجتمعوا إلى قيس بن زهير فقالوا له " ما الرأي؟ فقال: خلوا الأموال والظغن وادخلوا في الشعب فإنَ الجموع إذا رأت الظعائن لا رجال فيها أمنوا فغنموا وتفرقوا فتدركوا منهم حاجتكم! فلما أشرفت جموع حذيفة على أموال بني عبس ظنوا انهم فروا فأمنوا وغنموا وجعل الجل يطرد ما قدر عليه من الأموال. فلما تفرقوا كرت عليهم خيل عبس فوضعت فيهم السلاح وانهزموا. وأسرفت في القتال حتى ناشدهم بنو ذبيان البقية وكان يوم شديد الحر. فمضى حذيفة وأخوه حمل حتى استغاثا بجفر الهباءة فنزلا ومعهما ورقاء بن بلال ونزعوا سلاحهم وسرجهم واقعدوا ربيئة يتطلع ولم يكن لعبس هم إلاّ في حذيفة. فبعثوا الخيل تقص أثره. فنظر الربيئة فقال: إني أرى شخصا كالنعامة فلم يكترثوا به وجعلوا يتحدثون فأذاهم بخيل عبس قد لحقهم وحالت بينهم وبين خيلهم. فلما حملوا عليهم وهم في الجفر قال حذيفة: يا بني عبس فأين الأحلام؟ فضرب أخوه حمل بين كتفيه وقال: اتق مأثور القول فأرسلها مثلا. يريد: انك تقول قولا تتذلل فيه وتخضع وتقتل ولا ينفع فتشتهر عنك أخباره ويبقى عليك عاره. فقتلوا حذيفة ومن معه وتمزقت بنو ذبيان.
ولا يخفى إنَّ هذا المثل حقه إنَّ يذكر في غير هذا الباب لكن الواو لمّا استهلكت بالإبدال اعتبرنا الظاهر تقريبا. وداحس بالدال المهملة على وزن فاعل من الدحس وهو الدفع. وسنئتي بذلك لأن أباه ذا العقال وهو فرس كان لرجل يسمى حوطا خرجت به جاريتان له يومان تقودانه فمرتا به على فرس أنثى لقرواش تسمى جلواء وهي إذ ذاك وديق والو الديق بالدال المهملة: المشتهية الفحل ومنه المثل الآتي: ودق العير إلى الماء فلما رآها ذو العقال ودق. فضحك شباب منهم فاستحيت الجاريتان فأرسلتا مقوده فزنا عليه. فلما جاء حوط وكان رجلا سيئ الخلق عرف النزو