يأتي امرأة في قرية من قرى اليمامة، وهي التي سماها في الشعر. وقوله إنَّ الحر حر، أي إنَّ الحر باق على ما عهد في الأحرار من الهمم العلية، والأخلاق الزكية، ومجانبة الريب، والحذر من سوء المنقلب.
ومثله قول أبي النجم: أنا أبو النجم وشعري شعري، أي شعري هو ذلك المعروف بجزالته وفصاحته وسلاسته.
وكذلك قولهم: الناس أي هم على ما عهد فيهم.
ومثل ذلك قول العامة: الحر لا يكون إلاّ حراً، والرجل لا يكون إلاّ رجلاً والعبد لا يكون إلاّ عبداً. ونحو هذا يضربونه عند تقصير الإنسان عن بعض ما يحق له أو تعاطيه مالا ينبغي له.
وقوله تجنب كل شيء يعاب عليك، هذا من حفظ المروءة. قيل الأحنف بن قيس: بم بلغت ما بلغت؟ فقال: لو عاب الناس الماء ما شربته. وقيل لعبد المالك بن مروان، وقد بالغ في الثناء على المصعب بن الزبير رضي الله عنه يوم قتله: أكان المصعب يشرب الطلا؟ فقال: لو عيب ما شربه. ووصف عمرو بن العاصي بعض الأشراف فقال: إنّه أخذ بثلاث، تاركٌ لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين عليه إذا خولف؛ تاركٌ للمراء، تاركٌ لمقاربة اللئيم، تاركٌ لمّا يعتذر منه. وقال أعرابي يوصي صديقاً له: دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإنَّ كان عندك اعتذاره: فليس من حكى عندك نكراً، توسعه فيك عذراً. وهذا كما قال الأول:
قد قيل ما قيل إنَّ صدقاً أو كذباً، ... فما اعتذارك من قولٍ إذا قيلا؟
إنَّ الحسان مظنة للحاسد.
أخذناه من قول الحماسي:
بيضاء آنسة الحديث كأنها ... قمر توسط جنح ليل مبرد
موسومة بالحسن ذات حواسد ... إنَّ الحسان مظنة للحاسد
الحسان جمع حسناء. يقال: جارية حسناء وحسنة وحسانة على مثال رمانة، فهم حسان وحسانات، ورجل حاسن وحسن. وحسين وحسان بضم الحاء مع