يمنعك من يزيد، وإنَّ يزيد لا يمنعك من الله، وإنَّ أمر الله فوق كل أمر، وإنّه لا طاعة في معصية الله، وإني أحذرك بأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين. فقال أبن هبيرة: أربع على ظلعك أيّها الشيخ عن ذكر أمير المؤمنين! فإنَّ أمير المؤمنين صاحب العلم وصاحب الحلم وصاحب الفضل؛ وإنّما ولاه الله ولاية هذه الأمة لعلمه به وما يعلم من فضله ونيته. قال الحسن، يا أبن هبيرة، الحساب من ورائك سوطا بسوط، وعصا بعصا، والله بالمرصاد. يا أبن هبيرة انك أنَّ تلقى من ينصح لك في دينك ويحملك على أمر أخرتك خير من أنَّ تلفى رجلا يغرك ويمنيك!
فقام أبن هبيرة وقد بسر وجهه وتغير لونه. قال الشعبي: فقلت: يا أبا سعيد، أغضبت الأمير وأوغرت صدره وحرمتنا معروفه وصلته. قال: إليك عني يا عامر! قال: فخرجت إلى الحسن الطرف والتحف، وكانت له المنزلة، واستخف بنا وجفينا، فكان أهلا لمّا أدى إليه، وكنا أهلا أنَّ يفعل ذلك بنا. فما رأيت مثل الحسن فما رأيت من العلماء إلاّ مثال الفرس العربي بين المقاريف، وما شهدنا مشهدا إلاّ برز علينا، وقال لله عز وجل وقلنا مقاربة. قال عامر الشعبي: وأنا أعاهد الله أنَّ أشهد سلطانا بعد هذا المجلس فأجابه!
[يرتع وسطا ويربض حجرة.]
الترع معروف، وكذا الوسط. وتقدم ما فيه من الفرق: والرابض بفتحتين ما حول المدينة والجمع أرباض. قال:
حتى أقام على أرباض خرشنة ... تشقى به الروم والصلبان والبيع
والربض أيضاً مأوى الغنم. قال العجاج يصف ثورا وحشيا: واعتاد أرباضا لها آري والربض أيضاً كان ما يأوي إليه الإنسان من أهل ومسكن ونحوه. قال:
جاء الشتاء ولمّا تخذ ربضاً ... يا ويح نفسي من حفر القراميص!