هذا المثل يضرب لمن تظن به ظنا فتجده على ما ظننت هكذا قال بعض العلماء. ويحتمل إنَّ هذين المثلين واحد وإنّما وقع التحريف في أحدهما. والتفسير الثاني انسب بالأول كما لا يخفى.
[أخيل من مذالة.]
يقال: خال الرجل يخال واختال إذا تكبر وتبختر عجبا فهو خال وخائل وخال كقاص مقلوبا ومختال. والإذالة بالذال المعجمة: الإهانة. يقال: أذلت الرجل فهو مذال. قال زيد الخيل يخاطب بني الصيداء وكان غزا غزوة فطلع بعض خيله فأدركوه فأخذوه:
يا بني الصيداء ردوا فرسي ... إنّما يصنع هذا بالذليل
لا تذيلوه فإني لم أكن ... يا بني الصيدا لمهري بالمذيل
عودوه كالذي عودته ... دلج الليل وإطاء القتيل
ويحكى إنَّ أبا تمام الطائي خرج قاصدا البصرة وفيها عبد الصمد بن المعذل. فلما سمع عبد المد بقدومه إليه كتب إليه:
أنت بين اثنتين تبرز للناس ... وكلتاهما بوجه مذال
لست تنفك راجيا لوصال ... من حبيب أو طالبا لنوال
أي ماء لحر وجهك يبقى ... بين ذل الهوى وذل السؤال؟
فلما وقف أبو تمام على الأبيات رجع وقال: شغل هذا ما وراءه ولا حاجة لنا فيه. وقريب من هذا قول بعضهم في هجو أبي الطيب المتنبي:
أي فضل لشاعر يطلب الفضل ... من الناس بكرة وعشيا؟
عاش حينا يبيع في الكوفة الماء ... وحينا يبيع ماء المحيا
وإنّما قال: ذلك لمِا يحكى إنَّ أبا الطيب المتنبي كان سقاء بالكوفة والله اعلم.