دببت لها الضراء وقلت أبغي ... إذا عز أبن عمك أن تهونا
وهو محتمل للمعنى الثاني أيضاً. ومن الضريح في الثاني قول الآخر:
بنيَّ إذا ما سمك الذلَّ قادرٌ ... عزيزٌ فلن فاللين أولى وأحرزُ
ولا تسم في كل الأمور تعززاً ... فقد يورثُ الذلَّ الطويلَ التعززُ
والمثل للهذيل بن هبير. وسببه إنّه أغار على ضبة فغنم وأقبل بالغنائم. فقال أصحابه: أقسمها بيننا. فقال: أخاف أن يدرككم الطلب، فأبوا. فعند ذلك قال: إذا عز أخوك فهن، ونزل فقسمها.
[إذا لم تستحي فاصنع ما شئت.]
الاستحياء الانقباض والحشمة؛ يقال: حيي منه بالكسر يحيى حياء بالمد، واستحيى، وهو حيي كغني: ذو حياء؛ وقد يقال: استحى يستحي. قال الشاعر:
تقول يا شيخ أما تستحي ... في شربك الخمر على المكبر؟!
وهذا الكلام يتمثل به، وليس من الأمثال. وفي الخبر: مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت. وفسر بمعنيين: أحدهما ظاهر، وهو المشهور: إذا لم تستحي من العيب ولم تخش عارا ولا لوما مما تفعل، فافعل ما تحدثك به نفسك، حسنا أمثال لا. ولفظه أمر، ومعناها الخبر على وجه التوبيخ والتهديد، كأنه قيل: إذا لم يكن فيك حياء، فأنت صانع ما شئت من خير وشر. وفيه إشعار بأن الرادع للإنسان عن السوء هو الحياء؛ فإذا انخلع عنه كان كالمأمور بارتكاب كل محذور، وتعاطي كل قبيح وسيئة، كما قال الحماسي:
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاءُ
فلا والله ما في العيش خيرٌ ... ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ