أنت بين اثنين يا نجل يعقوب ... وكلتاهما مقر السيادة
لست تنفك راغبا عرد عبد ... مستبطرا أو حاملا خف عادة
أي ماء لحر وجهك يبقى ... بين ذل البغا وذل القيادة
والمذالة في هذا المثل أرادوا بها الأمة لأنها تذال أي تمتهن بالخدمة ويرها وهي أكثر خلق الله اختيالا وتبخترا وعجبا وذلك من ضعف عقلها وسقاطة نفسها ونقصان همتها فإنَّ الهموم بقدر الهمم.
ومما يلتحق بهذا الباب قولهم:
[أخرجت له حريشتي]
أي ملك يدي. وقولك مثلا:
[أخشن من ليفة.]
والخشونة ضد اللين والليف بالكسر ليف النخل وهو معروف والواحدة ليفة بالهاء وهذا المعنى مطرد كما مر في نظائره.
ومن هذا الباب قولهم:
[خفة الظهر أحد اليسارين.]
جعلوا خفة الظهر كنية عن عدم أو قلة الحقوق اللازمة والنفقات الواجبة فإنّها للزومها كالشيء المحمول على الظهر يخف ويثقل. ولا فرق في إنَّ الأحمال المحسوسة يحملها البدن المحسوس والحقوق تحملها اللطيفة الروحانية من البدن وهي القلب وهذه أقل صبرا على الثقل للطافتها. واليسار: الغنى. وثنى بحسب حقيقته ومجازه لا تفاق اللفظ. وقد قالوا من هذا النحو: الغربة أحد السباءين واللبن أحد اللحمين وتعجيل اليأس أحد اليسرين والشعر أحد الوجهين أي النظر إلى الشعر كالنظر إلى الوجه والحمية إحدى الموتتين أي امتتاع الطعام والقلم أحد اللسانين والخال أحد الأبوين والراوية أحد الهاجيين