والمعنى إنّه أخوك شقيقك وأنت تحذره ولا تأمنه، فكيف بغيره؟ والبكري، إن كان نسبته إلى القبيلة، فهو بفتح الباء الموحدة. واستظهر بعضهم أن يكون يكسرها وكأنه يرى أنه من بكر الأولاد. يقال: امرأة بكر للتي ولدت بطنا واحدا، وبكرها ولدها الأول. والذكر والأنثى فيه سواء قال:
يا بكر بكرين ويا خلب الكبد ... أصبحتَ مني كذراعٍ من عضد
وهو بكسر الباء، وإلا إنّه يوصف به، ولا يحتاج إلى ياء النسبة. وعلى الاحتمال الأول يصح أن يكون البكري هو الخبر، ولا تقدير.
إذا دخلتَ أرض الحُصيبِ فهرول!
الدخول معروف، كذلك الأرض. والحصيب، بالحاء والصاد المهملتين مصغرا: موضع باليمن. والهرولة: الإسراع، أو بين المشي والجري. والحصيب فاقت نساؤه حسنا وجمالا، وأحسب لذلك أمر بالهرولة عند دخوله حذرا من فتنتهن. فإنَ كان الأمر كذلك، حسن أن يضرب المثل فيما يشبه ذلك من الحذر وطلب السلامة، والله اعلم.
[إذا رغب الملك عن العدل، رغبت الرعية عن الطاعة.]
هذا المثل مصنوع فيما يظهر، وهو ظاهر المعنى، وسيأتي في الحكم بسط هذا المعنى واستيفاؤه من كلام الحكماء، إن شاء الله تعالى.
إذا ارجحن شاصياً فارفع يداً:
يقال ارجحن ارجحنانا إذا مال. وشصا بصر الرجل يشصو شصواً: ارتفع، واشصاه صاحيه: رفعه. أي: إذا مال ساقطا، ورفع رجليه، فارفع يدك عنه ولا تضربه والمعنى: إذا خضع لك فاكفف عنه وارفق به، لأن القدرة تذهب الحفيظة.
إذا سمعت بسرى القين فاعلم أنه مصبحٌ.
السماع معروف والسرى على وزن هدى. يقال: سرى يسري سُرى، ومسرى، وسرية، وأسرى إذا مشى عامة الليل. والقين: الحداد وجمعه أقيان. والقين أيضاً: العبد، وجمعه قيان والصباح: الدخول في الصباح.
يضرب هذا المثل في الكذب والإخلاف حيث يعرف كذب الرجل فيرد صدقه.