للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عش بجد ولا يضرنك نوك ... إنّما عيش من ترى بالجدود

وكما قلت أنا:

كم لبيب ذي نجدة مالت هزلا ... وغبي تحتفه ألف هان

وتقدم في هذا المعنى مستوفى وسيأتي أيضاً.

قيل: وأول من قال في هذا المثل حاتم بن عميرة الهمداني. وكان بعث ابنيه: الحسل وعاجية في تجارة لوجهتين مختلفتين. فذهب الحسل حتى لقيه قوم من بني أسد فأسروه واخذوا ماله. وسار أخوه أياما حتى وقع على مال الحسل فاتبعه حتى بلغ نجران فنادى في قومه همدان فأخذه من أيدي سالبيه قبل إنَّ يبلغ إلى موضع متجره. وكانت الإبل موسومة بسمة ابيهما وعرفوا إنَّ ما كان من المتاع له فأخذه ورجع إلى أهله. وقال في ذلك:

كفاني الله بعد السير إني ... رأيت الخير في السفر القريب

وهذا القرب نلنا خيرا ... ولم نلق الخسارة في الدؤوب

فلما رجع تباشر به أهله وانتظروا الحسل. فلما ابطأ عنهم بعث أبوه أخا له يقال له شاكر في طلبه والبحث عنه. فلما دنا شاكر من الأرض التي فيها الحسل وكان الحسل علئفا يجزر الطير فقال الحسل:

تبشرني بالنجاة القطاة ... وقول الغراب لها شاهد

تقول: أل قد دنا نارح ... فداء له الطارف التالد

أخا لم تكن أمنا أمه ... ولكن أبونا أب واحد

تداركني زلفة حاتم ... فنعم المرب الوالد

تداركني بك يا شاكر ... ومن بك الملك الماجد

فسأل عنه شاكر حتى عرف مكانه فاشتراه منهم بأربعين بازلا. فلما رجع به واخبر بما لقي من بلاء قال أبوه: اسع بجدك لا بكدك وهذا المثل قولهم: عارك بجد أودع وسيأتي:

[جدع مازن انفه بكفه.]

يأتي هذا في الكاف وهو هناك البق.

<<  <  ج: ص:  >  >>