وآخرها قتل جساس بن مرة. وكان سبب قتله أنَّ نساء تغلب لمّا اجتمعن للمأتم على كليب، قلن لأخت كليب: رحلي جليلة عن مأتمك، فإنَّ قيامها عار علينا وشماتة بنا! فقالت لها: اخرجي يا هذه عن مأتمنا، فإنك شقيقة قاتلنا! فرحلت وهي حامل. فولدت غلاما وسمته هرجسا، ورباه جساس، فكان لا يعرف أبا غيره، فزوجه ابنته. فوقع يوما بينه وبين بكري كلام، فقال البكري: ما أنت بمنته حتى الحقك بأبيك فأمسك عنه ودخل إلى أمه فسألها الخبر. فلما أوى إلى فراشه وضع أنفه بين ثديي زوجته وتنفس تنفسة نفط ما بين ثدييها من حرارتها. فقامت الجارية فزعة ودخلت إلى أبيها فأخبرته فقال: ثائر ورب الكعبة! فلما أصبح أرسل إلى الهجرس فأتاه فقال: إنما لأنت ولدي ومعي وقد كانت الحرب في أبيك زمنا طويلا حتى تفانيا وقد اصطلحنا الآن. فانطلق معي حتى نأخذ عليك ما أخذ علينا! فقال: نعم ولكن مثلي لا يأتي قومه إلاّ بسلاح! فأتيا جماعة من قومهما فقص عليهم جساس ما كانوا فيه من البلاء وما صاروا إليه من العافية ثم قال: هذا أبن أختي قد جاء ليدخل فيما دخلتم فيه. فلما قربوا الدم أخذ بوسط رمحه وقال: وفرسي وأذنيه ورمحي ونصليه وسيفي وغراريه ودرعي وزريه! لا يترك الرجل قاتل أبيه وهو ينظر إليه. ثم طعن جساسا فقتله ولحق بقومه. فكان آخر قتيل نتهم.
وفي هذه القصة اضطراب كغيرها من الحكايات الجاهلية.
[أشأم من خوتعة.]
خوتعة بالتاء المثناة على مثل جوهرة هو رجل من بني عقيلة ذل كنيف بن عمر التغلبي وأصحابه على بني الزبان الذهلي لترةً كانت لهم في عمرو بن الزبان فقتلهم. وتقدم شرح القصة وما يعرف به وجه الشؤم في حرف الهمزة.
[أشأم من الأخيل.]
الأخيل هو الشقراق وقيل طائر آخر وهو مشؤوم وجمعه خيلٌ بكسر الخاء.