للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعوتب عليه قال: أكله الورشان، فقالوا ذلك. يضرب ذلك لمن يظهر شيئا والقصد شيء آخر.

[البغاث بأرضنا يستنسر.]

تقدم معنى هذا المثل في الباب الأول.

[أبلعني ريقي.]

يقال: بلعت الشيء بكسر اللام وابتلعته بمعنى وأبلعته غيري: أمكنته أن يبلعه: والريق: ماء الفم ما دام لم ينفصل عنه فإذا انفصل فهو بزاق؛ والبعض منه ريقة. قال النابغة:

زعم الهمام ولم أذقه أنه ... يشفي برياً ريقها العطش الصدي

وقال الآخر:

يسقي امتياحا ندى المسواك ريقها ... كما تضمن ماء المزنة الرصف

ويقال: أبلغني ريقي أي أمهلني ساعة مقدار ما أبلعه ولا تعجل عليَّ! يضرب عند الاستمهال في مقام المحاورة والإكثار من السؤال واستدعاء الجواب حتى يعوق الاشتغال بالجواب عن بلع الريق. والقصد التأخير والتنفيس. قال شاس بن عبدة:

حلفت بما ضم الحجيج إلى منى ... وما ثج من نحر الهدى المقلد

لئن أنت عافيت الذنوب التي ترى ... وأبلغت ريقي وأنظرتني غدي

لأستعتبن مما يسؤك بعدها ... وإن سبني ذو لكنة بين أعبِ

ويحكى أنَّ عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى قال يوما لحاجبه: هات بدرة! فأتى بها، فوضعها بين يديه وقال لمن حضر من وجوه العرب: أيكم أنشدني صدر هذا البيت: والعود أحمد، فله هذه البدرة! فلم يكن فيهم من يعرفه. فقال للحاجب: اخرج وانظر من بالباب من العرب، وقل: من ينشدني صدر البيت: والعود أحمد، فله جائزة! فخرج الحاجب وقال ذلك. فقام فتى من القوم فقال: أنا. قال الحاجب: فأنشدني! قال: لا! إلاّ أن أشافه أمير المؤمنين. فدخل الحاجب فأخبره فقال عبد الملك: هذا رجل طال مقامه بالباب وله حاجة. والله لئن دخل عليَّ ولم ينشدني لأعاقبنه. أدخله! فلما دخل وسلم قال له عبد الملك أنشدنا صدر بيتنا! فقال: يا أمير المؤمنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>