الحظوة فيما تريد، فلا تأل جهدا ولا تزل مجتهدا متوددا للناس حتى تستدرك ما فاتك مما تطلب. وأصله في المرأة إنها إن لم تحظ عند زوجها فلا ينبغي لها أن تقصر في طلب الحظوة حتى تنالها.
قيل: وأصله أن رجلا كانت لا تحظى عنده امرأة فتزوج امرأة فلم تأل جهدا في أن تحظى عنده، فلم يقنعه ذلك وطلقها، فقالت ذلك أي: إن لم أحظ عنده فأني لم أقصر، فصار مثلا في كل من اجتهد في أمر ليناله وتعذر وهو لم يقصر في طلبه والسعي فيه.
واعلم إنّه يقال في المثل بالنصب والرفع بحسب تقدير المحذوف، فمن نصب فمعناه باعتبار الأصل إن لا أكن عندك أيّها البعل حظية فلا أكون ألية في الحظوة بتحسين خلقي وخلقي حتى أدركها. ومن رفع فله وجهان: أحدهما أن تكون الحظية مصدرا لا وصفا. والمعنى إن أخطأتني الحظوة عندك فلا أكون ألية في طلبها أو فلا يقع مني ألو وتقصير. الثاني أن تكون الحظية وصفا على بابها إلاّ إنّها راجعة إلى غير القائلة والمعنى: إن لا تكن لك في الناس حظية تحظى عندك فأنا لا أكون ألية في طلبها حتى أنالها منك، أو نحو هذا من التقادير آتى يصح بها المعنى، كما يجري في نحو: إن خيرا فخير، وإن سيفا فسيف. وقد قرر في النحو ما فيه من التقادير وما هو الأرجح منها وهو معروف.
إن لا أكن صنعاً فإني أعتثم.
الصنع: الحاذق الماهر. يقال: رجل صنيع وصنع بكسر فسكون، وصنع بفتحتين، ويروى بهما قول أبي ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبعُ
وقال حسان رضي الله عنه في الأخير:
اهدي لهم مدحتي قلبٌ يوازرهُ ... فيما أحب لسانُ حائك صنعُ
ويقول: امرأة صناع، على مثال رزان، ضد الخرقاء. قال امرؤ القيس:
وعينٌ كمرأة الصناع تديرها ... بمحجرها من النصيف المنقبِ