وكم من طالبٍ يسعى لشيء ... وفيه هلاكه لو كان يدري!
ويضرب في كل من اقتحم شيئا يفوت عليه بسببه ما هو أكثر منه أو أشرف كمن رضي من عرض الدنيا الفاني بما فوت عليه من الآخرة ونعيمها المقيم عياذاً بالله!
رُبَّ رميةٍ من غير رامٍ.
الرمية فعلة من الرمي. يقال: رمى يرمي رميا ورمية ورمى السهم عن القوي وعلى القوس أيضاً رميا ورمية بالكسر ولا تقل: رميت بالقوس. ورماه مراماة ورماء؛ وارتمى القوم وتراموا.
ومعنى المثل أنَّ الغرض قد يصيبه من ليس من أهل الرماية. فيضرب عندما يتفق الشيء لمن ليس من شأنه أن يصدر منه. وقد يحذف رُبَّ فيقال: رمية من غير رامٍ.
ويذكر أنَّ المثل لحكيم بن عبد يغوث المنقري وكان من أرمى الناس. فحلف يوما ليعقرن الصيد حتما. فخرج بقوسه فرمى فلم يعقر شيئاً فبات ليله بأسوأ حال وفعل في اليوم الثاني كذلك فلم يعقر شيئاً فلما أصبح قال لقومه: ما أنتم صانعون؟ فإني قاتل اليوم نفسي إن لم أعقر مهاة! فقال له ابنه: يا أبت احملني معك أرفدك! فانطلقا فإذا هما بمهاة فرماها فأخطئها. ثم تعرضت له أخرى فقال له ابنه: يا أبت ناولني القوس! فغضب حكيم وهم أن يعلوه بها. فقال له ابنه: أحمد بحمدك فإنَّ سهمي سهمك! فناوله القوس فرماها الابن فلم يخطئ. فقال عند ذلك حكيم: رُبَّ رمية من غير رامٍ! وإلى هذه القصة أشار بعضهم بقوله:
رماها مطعمٌ من غير علمٍ ... بمس القوس لم يخطئ صلاها
وكان أبوه قد آلي عليها ... فلم يبرر أليته مهاها
ومطعم هو أبن حكيم المذكور. وقال أبن ظفر: هذا مثل عامي وأصله قولهم: مع الخواطئ سهمٌ صائبٌ.