للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خير العشاء سوافره.]

خير: تقدم؛ والعشاء بالفتح والمد طعام العشي. ولا يخرجه التأخير عن كونه عشاء كما قال الحطيئة:

وآنيت العشاء إلى سهيلٍ ... أو الشعرى فطال بي الإناء

وآنيته: جعلت أناه أي وقته ذلك الزمان المتأخر. ويروى: وأكريت العشاء. . الخ فطال بي الكراء أي أخرت؛ والسوافر جمع سافرة يقال أسفرت الشمس وسفرت إذا أضاءت وسفرت المرأة عن وجهها: كشفت عنه. والمراد أنَّ خير العشاء ما أكل منه بضوء النهار وكأن اللقمة حينئذ تسفر للظلام عن وجهها.

وهذا المثل يكلم به الأصمعي للرشيد. ذكر بعض الأدباء عن أبي بكر بن شقير النحوي قال: دخلنا على محمد اليزيدي وهو يتغدى فقال: يا أبا بكر خير الغداء بواكره فما خير العشاء؟ فقلت: لا أدري. فقال: دخلت على عبيد الله بن سليمان وهو يتغدى فقال: خير الغداء بواكره فخير العشاء ماذا؟ فقلت لا أدري. فقال: دخلت على حسين الخادم وهو يتغدى فقال: يا أبا القاسم خير الغداء بواكره فخير العشاء ماذا؟ فقلت: لا أدري. فقال: كنت بحضرة الرشيد وهو يتغدى فدخل الأصمعي فقال: يا أصمعي خير الغداء بواكره فخير العشاء مادا؟ فقال: بواصره ومعناه ما يبصر من الطعام. انتهى.

وزعما أنَّ تأخير العشاء يورث ضعفا بالبصر. ومن ثم قال أبو بكر بن دريد:

وأرى العشا في العين ... أكثر ما يكون من العشاءِ

العشا الأول بألف مقصورة وهو ضعف البصر وبالمد الطعام. وقال كشجام:

ونديم مخالفٍ ... لا يشاء الذي أشا

هو في الصحو لي أخ ... وعدوٌ إذا انتشا

اقترحت العشاء يو ... ماً عليه فاندهشا

ساعة ثم قال لي: ... العشا يورث العشا!

وورد في بعض الأحاديث نهيا عن ترك العشاء: لا تدعوا العشاء ولو بكف من حشف فإن تركه مهرمةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>