من بالنجف من ذي قدرة لقريب. يضرب مثلا للأحداث والأقدار وأنَّ لا ملجأ منها لديار.
إنَّ من البيان لسحراً.
هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم وتقدم شرحه في فضل الشعر. وسببه أنَّ بني تميم وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عمراً عن الزبرقان بحضوره فقال: مطاع في أدنيه شديد العارضة في قومه مانع لمّا وراء ظهره. فقال الزبرقان: يا رسول الله إنّه ليعلم مني اكثر من ذلك ولكنه حسدني. فقال عمرو: أما والله إنّه لزمن المرءة ضيق العطن ائيم الخال أحمق الولد. ثم قال: والله يا رسول الله ما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الأخرى ولكني رجل رضيت فقلت أحسن ما علمت وغضبت فقلت أقبح ما علمت. فقال صلى الله عليه وسلم: إنَّ من البيان لسحراً! وقد بين أبن الأهتم بكلامه المذكور وجه الأمر في باب المدح والذم: فإنَ العرب كثيرا ما يمدحون الشيء ثم يذمونه بعينه حتى يكاد العقل يحكم بتناقض كلامهم وتهافت مقالهم. وليس فيه مناقضة وإنّما ذلك لاختلاف النظر كما قال عمرو المذكور.
وبيان ذلك أنَّ جميع الكائنات التي هي بصدد التغيرات والآفات لا تخلو عن صفة كمال يتجلى الله بها فيها بالوصف الجمالي وصفة نقصان يتجلى الله تعالى بها فيها بالوصف الجلالي. فكل مخلوق مشتمل على محاسن ومساوئ أما تحقيقها كرجل يكون جوادا وحكيما وهو جبان أو شرير أو قبيح المنظر؛ وأما بوجه واعتبار وذلك أيضاً: أما تحقيقا لاختلاف النظر بحسب تعدد الموجب وتباينه أما عادة وشرعا كسفك الدماء ظلما يمدح عادة ويذم شرعا؛ وكالصمت والتعفف يكون غالبا بالعكس أو عادة وعادة ككثير من أوصاف الخلقة وأنواع الزينة والملابس والمراكب ونحو ذلك مما تختلف فيه العادات استحسانا واستقباحا وقد يختلف الأمر بحسب المكان والزمان والأقران والأحوال وذلك أمر لا ينحصر. وإنّما تخيلا وذلك أما بحسب التشبيه كالورد يحسن عندما يشبه بالخدود النواضر، ويقبح عندما يشبه بسرم البغل؛ وأما بحسب النظر