فقال لها أبوها عند ذلك: أي بنية اصدقيني! كذلك هو؟ فانه لا رأي لمكذوب. فقالت: ثكلتك إن أكن صدقتك فانج لا أخالك ناجيا! فذهبت كلمة مازن وكلمته وكلومتها أمثالا. فقال مازن: حنت ولا تهنت أراد أنها إنما كان غرضها أن تذكر عبد شمس ليجري اسمه على لسانها حبينا إليه وشوقا لا شفقة على قومها ولا نصحا لأبيها ولا تحذيرا. وقوله: ولا تهنت دعاء عليها أي: لا هناها الله بذلك! وأراد: لا تهنأت بالهمز من الهناء ثم خفف الهمزة وقلبها ألفاً ثم حذف الألف لملاقاة التاء الساكنة كما في نظائره.
قيل: ويحتمل أن يريد: ولات هنا أي ليس هذا الوقت أو: أنَّ ذلك ولا حينه كما قال الأعشى:
لات هنا ذكرى جبيرة أم من ... جاء منها بطائف الأهوال!
أي ليس هذا حين ذكرها يأسا منها. وكما قال الراعي:
أفي أثر الأظعان عينك تطمح؟ ... نعم! لات هنا إنَّ قلبك متيح!
وكما قال جحل بن نضلة الباهلي:
حنت نوار ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أحنت
لمّا رأت ماء السلى شربا لها ... والفرث يعصر في الإناء أرنت
وفي إعرابه كلام مبين في علم النحو. والتاء في لات لتأنيث الكلمة كما قيل في رب وثم ربت وثمت. وقيل إنها بدل من الألف لأن التاء تبدل من الألف عند الوقف وعند السجع كما قيل:
من بعدما وبعدما وبعدمت ... صارت نفوس القوم عند الغلصمت
حورٌ في محارةٍ
الحور بضم الحاء وفتحها وهو مضموما: الهلاك والنقصان ومفتوحا النقصان أيضاً والرجوع. يقال: حار إليه بحور حورا: رجع. قال مهلهل بن ربيعة التغلبي: