الضب! أي خله كخلال الضب! لأن الضب أسوأ الحيوان هداية ولذلك يضرب به المثل فيقال. أضل من ضب. ويقال أيضاً: خل درج الضب! أي خل طريقه لئلا يمر بين يديك فتنتفخ! وهذا قريب في المعنى مما تقدم من قولهم: الخنفساء إذا مست نتنت، كما مر ذلك.
[خلي سبيل من وهى سقاؤه!]
التخلية مرت، وتقول: خليت سبيل الرجل إذا تركته ولم تتعرض له. ووهى السقاء بالفتح يهي وهياً: تمزق. والسقاء بالكسر والمد القربة.
قال الشاعر:
أقول لعبد الله لمّا سقاؤنا ... ونحن بوادي عبد شمس وهي: شم!
أي أقول له حين وهى سقاؤنا ونحن بوادي عبد شمس: شم البرق! أي انظر إليه! فشم، في آخر البيت فعل أمر وهو معمول القول. وهذا المثل قد يروى رجزاً فيقال:
خل سبيل من وهى سقاؤه ... ومن هريق بالفلاة ماؤه
يقال: أرقت وهرقت بقلب الهمزة هاء فأنا مريق ومهريق بفتح الهاء وكان القياس حذف الهاء لأنها في مكان همزة أفعل وهي تحذف في المضارع لكنها لمّا صارت هاء ذهب الثقل فبقيت. قال الشاعر:
فظللت كالمهريق فضلة مائه ... في ظل هاجرةٍ للمع سرابِ
وقد يقال: أهرقته بتسكين الهاء والجمع بين الهمزة وبدلها تناسيا لأصل فأنا مهريق بالسكون أيضاً. قال:
فصرت كمهريق الذي في سقائه ... لرقراق آل فرق رابية صلدِ
والفلاة: القفرة والجمع فلى وفلوات.
وهذا المثل كالذي قبله مضربا. وقد قيل إنّه يضرب في الرجل لا يستقيم في أمره وإنّه لا ينبغي أن يعاني. وقيل إنه يضرب في اقتناء السر بمعنى إنّه إذا باح صاحبك بسرك ونضح به كما ينضح هذا السقاء الواهي بالماء فدعه عنك ولا تؤاخه ولا تصاحبه فلا خير لك فيه! وهذا مناسب لتشبيههم من لا يكتم السر بالغربال كما قال الحطيئة: